هل الأولى إتمام الصف أم الصلاة مع المنفرد في الصف التالي؟

السؤال: 601438

إذا دخلت المسجد ووجدت مكانا في الصف الأول، وكان في الصف الثاني شخص منفرد، هل الأولى أن أدخل في الصف الأول لأتمه، وأخذ أجر الصلاة في الصف الأول، أم الدخول مع المنفرد خشية أن تبطل صلاته على قول من قال ببطلان صلاة المنفرد خلف الصف؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الأولى بمن وجد مكاناً في الصف الأول، وكان في الصف الثاني شخص منفرد أن يصلي مع الثاني، وذلك أنّ صلاة من في الصف الأول، ولو لم يكتمل الصف، أو مع وجود فرجة في الصف: صحيحة باتفاق الأئمة، ولو مع الكراهة، وأما صلاة المنفرد خلف الصف ففيه الخلاف بين الأئمة بين الكراهة وبطلان الصلاة.

ويعزز هذا أنّ الأحناف والشافعية قد نصوا على أن المشروع في حق من جاء والصف مكتمل، أن يجر شخصا من الصف الأول ليصلي معه، واستدلوا بحديث فيه ضعف، ولا شك أنّ هذا يحدث فرجة في الصف لمصلحة ألا تبطل صلاة المنفرد أو يدخل في الكراهة.

قال المرداوي رحمه الله: "إذا علمت ذلك، فالصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب؛ أن تسوية الصفوف سنة"

وقال:

"فوائد؛ الأولى: التسوية المسنونة في الصفوف هي محاذاة المناكب والأكعب دون أطراف الأصابع.

الثانية: يستحب تراص الصفوف، وسد الخلل الذي فيها، وتكميل الصف الأول فالأول، فلو ترك الأول، كره، على الصحيح من المذهب، وهو المشهور، قال في "النكت": هذا المشهور، وهو أولى" انتهى من "الإنصاف" (3/ 404).

وقال الكاساني رحمه الله:

"وينبغي إذا لم يجد ‌فرجة: أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف ‌الصف، فإن لم يجد أحدا، وخاف فوت الركعة جذب من ‌الصف إلى نفسه من يعرف منه علما وحسن الخلق، لكي لا يغضب عليه" "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 218):

وقال الرافعي رحمه الله:

"وقال أكثر الأصحاب -إذا لم يجد فرجة في الصف-: إنه يجر إلى نفسه واحدا؛ لما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل صلى خلف ‌الصف: "أيها المصلي هلا دخلت في ‌الصف، أو جررت رجلا من ‌الصف فيصلي معك؟ أعد صلاتك"" انتهى من "الشرح الكبير للرافعي" (2/ 175).

وجاء في "اختيارات البعلي"، ضمن: "الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية" (5/ 348):

"لو ‌حضر ‌اثنان ‌وفي ‌الصف ‌فرجة، فأيهما أفضل: وقوفهما جميعا، أو سد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر؟

رجح أبو العباس الاصطفاف مع بقاء الفرجة؛ لأن سد الفرجة مستحب، والاصطفاف واجب".

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما الحكم إذا جاء شخصان والإمام راكع وصفا خلف الصف، وفي الصف الأول فراغ يسع شخصاً واحداً؛ هل صلاتهما صحيحة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

فأجاب فضيلته بقوله:

"إذا دخل اثنان، فوجدا الصف الأول أو الثاني ‌ليس ‌فيه ‌إلا ‌مكان ‌رجل ‌واحد، ‌فإنهما ‌يصفان جميعاً، فإنه لو دخل أحدهما، لبقي الآخر منفرداً، ففي هذه الحالة الأفضل أن يصلياً معاً خلف الصف.

أما إذا وجدا في الصف مكان رجلين، فإنهما يتقدمان إليه، ولا يبقيان خلف الصف وحدهما، لأن هذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على تكميل الصف الأول فالأول.

ولكن لو قدر أنهما فعلا ذلك، فإن صلاتهما صحيحة، لأن واحداً لم ينفرد عن الآخر" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/ 207).

وقال ابن قدامة رحمه الله:

"إذا دخل المأموم، فوجد في الصف فرجة، دخل فيها.

فإن لم يجد، وقف عن يمين الإمام، ولا يستحب أن يجذب رجلا، فيقوم معه.

فإن لم يمكنه ذلك: نبه رجلا فخرج فوقف معه.

وبهذا قال عطاء، والنخعي، قالا: يجذب رجلا فيقوم معه.

وكره ذلك مالك، والأوزاعي، واستقبحه أحمد، وإسحاق.

قال ابن عقيل: جوز أصحابنا جذب رجل يقوم معه صفا، واختار هو ألا يفعل؛ لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه.

والصحيح: جواز ذلك؛ لأن ‌الحالة ‌داعية ‌إليه، فجاز، كالسجود على ظهره أو قدمه حال الزحام وليس هذا تصرفا فيه، إنما هو تنبيه له ليخرج معه، فجرى مجرى مسألته أن يصلي معه؛ وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لينوا في أيدي إخوانكم) . يريد ذلك.

فإن امتنع من الخروج معه، لم يُكرهه وصلى وحده" "المغني" (3/55).

ولا شك أن جذب شخص من الصف يحدث فيه فرجة، لكنه لا يؤثر على صحة صلاتهم.
فإذا كان ذلك جذب الشخص من الصف المقدم، جائزا عند جماعات من أهل العلم، لئلا يصلي المنفرد في صف وحده؛ فلأن يجوز ترك الفرجة الحاصلة لجبر المنفرد من باب أولى.

ثانياً:

إذا كان الذي يصلي خلف الصف وحده مفرطاً في ترك الاصطفاف بالصف الذي لم يتم، أو فيه فرجة مع علمه بذلك: فهنا يتوجه أنه لا يصف معه؛ لأنّه مفرط في القيام بما يجب عليه من إتمام الصف وسد الخلل، فيتخطاه لتكميل الصف الذي قبله أو سد الفرجة التي فيه، ويتركه وحده؛ لأنّ المشروع في حقه إتمام الصف وسد الفرج.

فمن ترك ‌فرجة في الصف خالية، من غير عذر في سدها، أو إكمال الصف، فقد أسقط حقه فلا حرمة له، ويشرع تخطيه لتكميل الصف الأول، أو لسد ‌فرجة في الصفوف الأول.

فعن عبد العزيز بن أبي رواد قال: يقول ابن عمر: "لأن تقع ثنيّتاي، أحب إلي من أن أرى ‌فرجة في الصف، أمامي ولا أصلها" رواه عبد الرزاق في مصنفه (2472).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"ولا يصف في الطرقات، والحوانيت، مع خلو المسجد، ومن فعل ذلك استحق التأديب، ولمن جاء بعده تخطيه، ويدخل لتكميل الصفوف المتقدمة، فإن هذا لا حرمة له" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 410).

وينظر الفتاوى: (274991)، و(72199)، و (220758).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android