أولا :
إذا أوصى المسلم أن يحج عنه ، فالواجب على الورثة أن ينفذوا تلك الوصية .
والأصل أنه يجب تنفيذها فورا ، فإذا بيع المنزل وجب أن يحج عنها في العام الذي بيع فيه إن أمكن ، ولا يجوز تأخير الحج.
وليحذر الورثة من تأخير الوصية أو تبديلها ، فإن الله تعالى توعد من بدل الوصية بقوله : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/181.
وإذا كانت هذه هي حجة الإسلام فالواجب أن يحج عنه ولو استغرقت نفقة الحج كل التركة ، لأن هذا دين عليه ، والديون مقدمة على حق الورثة .
قال البهوتي رحمه الله :
"ويخرج وصي فوارث فحاكم الواجب كله من دين وحج وغيره، كزكاة، ونذر، وكفارة من كل ماله بعد موته، وإِن لم يوص به، لقوله تعالى : (من بعد وصية يوصي بها أَو دين)" انتهى الروض المربع (6/53) .
قال ابن القاسم رحمه الله :
"لأن حق الورثة بعد أداء الدين بلا نزاع، فالإرث مؤخر عن الوصية والدين إجماعا" انتهى.
وقال الشيخ محمد مختار الشنقيطي حفظه الله :
"الإنسان إذا وصى بالحج أو بالعمرة، فإما أن يكونا واجبين عليه، وإما أن يكونا غير واجبين، فإن كانا واجبين فلا إشكال، فإنها ستُخرج سواء وصى أو لم يوص؛ لأن دين الله أحق أن يُقضى" انتهى من شرح الزاد ، الشاملة .
ثانيا :
إذا عينت من يحج عنها فالواجب عليكم تمكينه من ذلك ، إلا إذا اعتذر هو ورفض الحج ، فإنه يحج عنها غيره .
قال ابن قدامة رحمه الله في الكافي (2/283) :
"فإن عين الحاج تعين ، فإن أبى المعين الحج صرف إلى من يحج عنه نفقة المثل ، والباقي للورثة" انتهى.
وإذا كانت أموالها تكفي للحج ، فالواجب أن يحج عنها سواء من بلدها أو من أي مكان آخر، كما سبق بيانه في جواب السؤال (109318) .
ثالثا :
أما وصيتها لأخيها بالباقي من المال ، فهذه وصية لوارث وهي غير جائزة .
قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) رواه أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (3671) وابن ماجه (2713) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
إلا إذا وافق الورثة على إمضائها ، أما إذا رفض الورثة إمضاء الوصية ، فإن المال المتبقي بعد الحج يقسم على إخوتها جميعا للذكر مثل حظ الأنثيين .
والله أعلم .