هل للموظف أن يقوم بعمل ليس من مهامه ويأخذ أجرته دون علم صاحب العمل؟

السؤال: 599765

أعمل في شركة قطاع خاص، وليس من مهام عملي إصلاح الأجزاء التالفة، ونرسلها لأحد آخر للإصلاح، بأجر ما لهذا الشخص، فهل يجوز أن أقوم بإصلاحها أنا، وأخذ نصف الأجر فقط لي دون علم صاحب العمل؛ لأن عند علم صاحب العمل سنصل إلى نقطة الشك، وأصحاب العمل مستعدون للدفع للغريب، لكن لنا يقومون بالرفض؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إذا لم يكن من مهام عملك إصلاح الأجزاء التالفة، وكلفت بإعطائها لمن يصلحها، فلا يجوز لك أن تصلحها بنفسك وتأخذ شيئا من الأجرة؛ لأمرين:

الأول: أنك وكيل، والوكيل تصرفه مقيد بالإذن.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى" انتهى من "المغني" (5/ 251).

فقد أُذِن لك في إرسالها لمن يصلحها، ولم يؤذن لك في إصلاحها.

الثاني: أن الوكيل ليس له أن يشتري من نفسه، أو يبيع لنفسه، أو أن يؤجر نفسه، إلا بإذن موكله.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (45/ 39): "ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية، والحنابلة في المذهب، والمالكية في المعتمد: إلى أنه لا يجوز للوكيل في البيع مطلقا أن يبيع لنفسه، لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره، فحملت الوكالة عليه، كما لو صرح به، ولأنه يلحقه تهمة.

وعلل الحنفية والشافعية هذا الحكم بأن الواحد لا يكون مشتريا وبائعا، وقالوا: لو أمر الموكل الوكيل أن يبيع من نفسه لم يجز.

وصرح المالكية والحنابلة بأن الوكيل يجوز له أن يبيع لنفسه إذا أذن له الموكل" انتهى.

فالحنفية يمنعون مطلقا هذا التصرف.

وأما المالكية والحنابلة فيقولون: إنه يجوز بإذن الموكل.

والإجارة كالبيع، بل هي بيع للمنافع.

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (3/ 473): " (ولا يصح بيع وكيل) شيئا وكل في بيعه (لنفسه) لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره، فحملت الوكالة عليه، وكما لو صرح به، ولأنه يلحقه به تهمة، ويتنافى الغرضان في بيعه لنفسه: فلم يجز، كما لو نهاه.

(ولا) يصح (شراؤه)؛ أي: الوكيل، شيئا وكل في شرائه (منها)، أي: من نفسه (لموكله)...

(إلا بإذنه)، بأن أذن له في البيع من نفسه أو الشراء منها، فيجوز؛ لانتفاء التهمة...

والإجارة كالبيع فيما سبق؛ لأنها نوع منه" انتهى.

وعلة المنع: أن الوكيل متهم في محاباة نفسه، وأن الصيغة تقتضي إخراجه، فلو قيل له أعط هذا لمن يصلحه، دل على أنه خارج عن هذا.

قال ابن رجب رحمه الله: " وللمنع مأخذان:

أحدهما: التهمة، وخشية ترك الاستقصاء في الثمن.

والثاني: أن سياق التوكيل في البيع يدل على إخراجه من جملة المشترين؛ لأنه جعله بائعا، فلا يكون مشتريا.

وهذان المأخذان ذكرهما القاضي وغيره.

والثالث: أنه لا يجوز أن يتولى طرفي العقد واحدٌ بنفسه، ويأخذ بإحدى يديه من الأخرى" انتهى من "القواعد" ص 127 القاعدة السبعون.

وإذا قيل للوكيل: أعطه لفلان ليصلحه، تعيّنَ عليه ذلك، فلو أعطاه لغيره، كان خائنا للأمانة، فكيف لو أعطاه لنفسه؟!

فإن أردت الاستفادة، فالسبيل هو مصارحة صاحب العمل، وأنك ستقوم بالإصلاح بنصف الأجرة، فإن قبل، جاز ذلك، وإلا حرم عليك الإصلاح دون علمه.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android