أولاً:
الكتب التي تشتمل على آيات قرآنية أو أحاديث نبوية ينبغي أن تُصان وتُوضع في مواضع تليق بجلال ما تحمله، بعيدةً عن كل ما يعرّضها للامتهان. فإن تعظيم ما يُنسب إلى الله من شعائر وكلمات هو من دلائل تقوى القلوب الحية، كما قال الله تعالى: ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ الحج/32، وقال سبحانه: ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ الحج/ 30.
وقال ابن مفلح رحمه الله:
"ويكره توسد المصحف...؛ لأن فيه ابتذالا له ونقصانا من حرمته فإنه يفعل به كما يفعل بالمتاع.
واختار ابن حمدان التحريم وقطع به في المغني والشرح..، وكذا سائر كتب العلم إن كان فيها قرآن وإلا كره فقط ...، وقال ابن عبد القوي في كتابه مجمع البحرين أنه يحرم الاتكاء على المصحف وعلى كتب الحديث وما فيه شيء من القرآن اتفاقا انتهى كلامه" انتهى من "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (2/ 285).
فالعناية بهذه الكتب ليس من قبيل الأدب الظاهر فحسب، بل هو من صميم ما يزكي به العبد قلبه ويبرهن به على تعظيمه لله جلّ جلاله.
ثانيا:
لا حرج في وضع الكتب الدينية في خزانة تحت السرير؛ إذ ليس في ذلك امتهان لها، والسرير يعتبر كالسقف لها، فالنائم نائم على السقف لا على الكتب، وقد أجاز الفقهاء ما هو فوق ذلك.
جاء في "الفتاوى الهندية الحنفية" (5/ 322): "وإذا حمل المصحف، أو شيئا من كتب الشريعة، على دابة في جوالق، وركب صاحب الجوالق على الجوالق: لا يكره. كذا في المحيط" انتهى.
وقال الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (1/ 153): "وقع السؤال في الدرس عما لو جعل المصحف في خرج أو غيره وركب عليه، هل يجوز أم لا؟ فأجبت عنه بأن الظاهر أنه إن كان على وجه يعدّ إزراء به كأن وضعه تحته بينه وبين البرذعة، أو كان ملاقيا لأعلى الخرج مثلا من غير حائل بين المصحف وبين الخرج، وعُدّ ذلك إزراء له ككون الفخذ صار موضوعا عليه: حرم، وإلا فلا. فتنبه له فإنه يقع كثيرا" انتهى.
فوضع الكتب الدينية المشتملة على آيات قرآنية في الخزائن التي تحت السرير لا حرج فيه.
والله أعلم.