لم يرد في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم أي ذكر قبل الغسل أو بعده، ولكن استحب الفقهاء قول الأذكار التي تقال عند الوضوء -قبله أو بعده- بجامع أنّ كلا منهما طهارة.
ففي التسمية قبل الغسل من الجنابة ذهب الجمهور إلى أنها سنة.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (31/ 212):
"ذهب الحنفية والشافعية إلى أن التسمية سنة من سنن الغسل، وعدها المالكية من المندوبات، لعموم حديث: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع).
قال النووي: وفيه وجه حكاه القاضي حسين والمتولي وغيرهما، أنه لا تستحب التسمية للجنب، وهذا ضعيف لأن التسمية ذكر، ولا يكون قرآنا إلا بالقصد.
وذهب الحنابلة إلى وجوب التسمية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)؛ قياسا لإحدى الطهارتين على الأخرى.
قال ابن قدامة: ظاهر مذهب أحمد أن التسمية مسنونة في طهارة الأحداث كلها.
وعنه: أنها واجبة فيها كلها: الغسل والوضوء والتيمم.
وقال الخلال: الذي استقرت الروايات عنه أنه لا بأس بترك التسمية.
ولفظ التسمية عند الحنفية باسم الله العظيم. والحمد لله على دين الإسلام، وقيل: الأفضل بسم الله الرحمن الرحيم.
وقال النووي: صفة التسمية بسم الله، فإذا زاد الرحمن الرحيم جاز، ولا يقصد بها القرآن.
وقال الحنابلة: صفتها بسم الله، ولا يقوم غيرها مقامها، فلو قال: بسم الرحمن، أو القدوس، أو نحوه: لم يجزئه.
لكن قال البهوتي: الظاهر إجزاؤها بغير العربية ولو ممن يحسنها - كما في التذكية - إذ لا فرق.
ويستحب عند الشافعية أن يبتدئ النية مع التسمية، ومصاحبة لها عند الحنفية والحنابلة" انتهى.
ثانياً:
أما الأذكار بعد الغسل فاستحبوا أيضاً ما يستحب بعد الوضوء، بجامع أن كلا منهما طهارة كما سبق بيانه.
قال النووي رحمه الله:
وأن يقول بعد فراغه -من الغسل- أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صرح به المحاملي في اللباب والجرجاني والروياني في الحلية وآخرون انتهى من "المجموع شرح المهذب" (2/ 184).
وقال ابن بلبان رحمه الله:
ورفع بصره فيه-أي الوضوء- وفي الغسل إلى السماء بعد فراغه مع قوله: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" "اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين"، "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" انتهى من
"مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات" (ص43).
والفقهاء مجتهدون في هذا الأمر، فإن وافق صواباً في نفس الأمر، فلهم أجران. وإن لم يوافق، فلهم أجر.
والله أعلم.