قد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (226527) أن "تظليل الآيات بالقلم الفسفوري ونحوه لتذكرها، أو معاودة مراجعتها، أو لغير ذلك: من الأمور التي لا ينبغي فعلها، محافظةً على حرمة المصحف، وإجلال النفوس له. فإن هذا المصحف له في نفوس المسلمين حرمة عظيمة، والذي ينبغي هو المحافظة على تلك الحرمة، وعدم المساس بها، وتظليل بعض الآيات بهذه الأقلام يخشى منه أن يؤدي إلى إسقاط تلك الحرمة أو الانتقاص منها، فيتوسع الناس في ذلك بالتلوين والتخطيط، حتى يبدو المصحف في النهاية كالكتب الدراسية، فتقل هيبته في النفوس" انتهى.
فهذا التلوين غايته أنه خلاف الأولى، أو مكروه، ولا يظهر لنا القول بتحريمه. ولم نقف على من صرح بالتحريم من مشايخنا، أهل العلم والفتوى.
وقد ورد عن بعض السلف تلوين نقط المصحف وألفاته وشداته.
قال ابن مجاهد رحمه الله: "وَقد كَانَ بعض من يحب أن يزِيد فِي بَيَان النقط مِمَّن يسْتَعْمل الْمُصحف لنَفسِهِ، ينقط الرّفْع والخفض وَالنّصب بالحمرة، وينقط الْهَمْز مُجَردا بالخضرة، وينقط المشدد بالصفرة، كل ذَلِك بقلم مدور، وَهَذَا أسْرع الى فهم الْقَارئ من النقط بلون وَاحِد".
نقله أبو عمرو الداني في كتابه "المحكم في نقط المصاحف" ص23 وقال:
"جَمِيع مَا أوردهُ ابْن مُجَاهِد فِي هَذَا الْبَاب: صَحِيح، بَيِّنٌ، لطيفٌ، حسن. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق" انتهى.
وقال أبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي في كتابه "أصول الضبط وكيفيته" ص7: " والمستحب من الألوان للضبط الحمرة للشَّكل، والصفرة للهمزة، وعلى ذلك كانت مصاحف أهل المدينة في آخر زمن الصحابة والتابعين بعدهم" انتهى.
وقد سئل فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، وفقه الله، عن حكم كتابة الآيات المتشابهة، وبعض الأحكام، على هامش المصحف، بغرض التعلم؟
فقال: "الكتابة، إذا كانت في المصحف الذي يملكه الإنسان، المصحف الخاص به: إذا دعت إلى ذلك حاجة، فلا بأس. وإلا، فقد كرهه جماعة من أهل العلم. وهو محرم إذا كان يفضي إلى التبديل والتحريف". انتهى، باختصار يسير.
ومعلوم أن تلوين بعض المواضع في المصحف، أو التخطيط فيه: أهون من الكتابة على هامشه. لكن الأمر، كما سبق: بحيث لا يفضي إلى امتهان المصحف، أو ابتذال أوراقه، كأنها كتب الناس.
والحاصل:
أنه لا يقال بتحريم التلوين، إلا إذا خرج إلى حد يذهب معه تعظيم القرآن وإذهاب هيبته من النفوس، وأما تلوين بعض المواضع كالمتشابهات، فإنه لا يصل إلى هذا الحد، والأفضل اجتنابه، ويمكن الاستغناء عنه بالتعليم بالقلم الرصاص، كما بينا في جواب السؤال رقم: (325278).
وينظر أيضا للفائدة.
وسواء قيل بالكراهة، أو حتى بالتحريم، فلا كفارة لذلك إلا التوبة والاستغفار.
ولا حرج في القراءة في هذا المصحف مع ما فيه من التظليل والتلوين.
والله أعلم.