هل صح أن السحابة في الجنة تمطر الكواعب الأتراب؟

السؤال: 585392

ما صحة حديث: (أن الغيمة تمر بأهل الجنة فتمطر عليهم ما يتمنون حتى الكواعب الأتراب)، أو في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر الصحابة بهذا الحديث قال أحد الصحابة: " لأن أشهدني الله ذلك لأتمنى أن تمطر الجواري المزينات"، مع العلم أن هذا ليس نص الحديث بل معناه؟

ملخص الجواب

لم يصح هذا الخبر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هذا الخبر ورد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.

رواه ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" (7 / 466)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1 / 236 - 237): عَنْ أَبي سُفْيَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ بْنِ تَيْمٍ الْيَشْكُرِيّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّة بْنِ سُلَيْمَانَ أَبو الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ( إِنَّ قُمُصَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَتَنْدَى مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، ‌وَإِنَّ ‌السَّحَابَةَ ‌لَتَمُرُّ ‌بِهِمْ، ‌فَتُنَادِيهِمْ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أُمْطِرَكُمْ؟ حَتَّى إِنَّهَا لَتُمْطِرُهُمُ الْكَوَاعِبَ الأتراب ).

وهذا إسناد ضعيف لجهالة عطية بن سليمان أبي الغيث.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"عطية ‌بن ‌سليمان أبو الغيث: مجهول" انتهى. "تقريب التهذيب" (ص393).

ثم شيخه أبو عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي، وإن وُثِّق، فقد ورد في أحاديثه ما أنكر عليه، ورأى بعض الأئمة أنه يروي أسانيد غير متصلة، فيأتي من ليس بثقة، فيرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر أن هذا الحديث منها.

قال المِزي رحمه الله تعالى:

"وقال عباس الدّوريّ، وعبد اللّه بن شعيب الصابوني، والمفضل بن غسان الغلابي، وإبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد، عن يحيى بن معين: القاسم أبو عبد الرّحمن ثقة.

زاد إبراهيم: الثقات يروون عنه هذه الأحاديث، ولا يرفعونها، ثم قال: يجئ من المشايخ الضعفاء، ما يدل حديثهم على ضعفهم.

وقال في موضع آخر: إذا روى عنه الثقات أرسلوا، ما رفع هؤلاء ...

وقال أبو حاتم: حديث الثقات عنه مستقيم، لا بأس به، وإنما ينكر عنه الضعفاء " انتهى. "تهذيب الكمال" (23 / 388).

وهذا الخبر المشهور أنه من كلام بعض التابعين.

رواه نعيم بن حماد في زوائده على "الزهد" (240)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (ص 211)، وابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" (7/ 19)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (2 / 216): عن بَقِيَّة بْنِ الْوَلِيدِ، حدثنا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ:( إِنَّ مِنَ الْمَزِيدِ أَنْ تَمُرَّ السَّحَابَةُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَتَقُولُ: مَا تَشَاءُونَ أَنْ ‌أُمْطِرَكُمْ؟ فَلَا يَسْأَلُونَ شَيْئًا إِلَّا مَطَرَتْهُمْ، فَقَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ: لَئِنْ أَشْهَدَنَا اللَّهُ ذَلِكَ الْمَشْهَدَ لَأَقُولَنَّ أَمْطِرِينَا جَوَارِيَ مُزَيَّنَاتٍ ).

فهذا الخبر من كلام كثير بن مرة، وهو تابعي.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" كثير ‌بن ‌مرة الحضرمي أبو شجرة الحمصي: ثقة من الثانية، ووهم من عده في الصحابة " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص460).

ورواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (ص206)، والطبري في "التفسير" (20 / 645): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي طَيْبَةَ الْكَلَاعِيِّ، قَالَ: ( إِنَّ السَّحَابَةَ لَتُظِلُّ السِّرْبَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَتَقُولُ: مَاذَا ‌أُمْطِرُكُمْ؟ فَمَا أَحَدٌ يُرِيدُ شَيْئًا إِلَّا أَسالَتْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَقُولُ: أَمْطِرِينَا كَوَاعِبَ أَتْرَابًا ).

وأبو طيبة أيضا تابعي، والخبر من كلامه لم يسنده.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" أبو ظبية السلفي ‌الكلاعي، ويقال أبو طيبة، عن عمر ومعاذ … " انتهى. "الكاشف" (2 / 437).

فالحاصل: أن كثير بن مرة وأبا طيبة تابعيان، فلا يأخذ قولهما حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدرى عمّن سمعاه.

الخلاصة:

لم يصح هذا الخبر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android