45

هل يلزمه بيع حصته لشركائه بالتقسيط عند الخروج من الشركة؟

السؤال: 585236

نحن ثلاث شركاء في عيادة، وكنا قد اتفقنا بالعقد أن لا يخرج أحد منا قبل أربع سنوات، ثم إذا انتهى الأجل يحق لاي طرف الخروج بشرط حق الشفعة للشركاء أولا، فيعرض حصته أولا على الشركاء، فإن استطاعوا الشراء فبها ونعمت، وإلا اضطر إلى إيجاد شريك خارجي، والبند المكتوب بالعقد أنه عليه عرض ثلاث مشترين جدد ليختار الشركاء أحدهم، طبعا هنا يدخل موضوع غير موجود بالعقد وهو موضوع نراه خلقياً حق للشركاء: أن الشريك الخارج يجب أن يبحث عن شريك صاحب أخلاق ومناسب للأطراف الباقية، وهذا الشرط ولو إنه غير منصوص به بالعقد إلا أننا بحق الأخوة والشرع بإذن الله تعالى ألزمنا أنفسنا به والآن الشركاء يقولون: إن في هذا الأمر ضرر للشركاء المتبقية.
فهم لا يريدون شريكا؛ لخوفهم أن لا يكون شريكا جيدا، وبنفس الوقت لا يريدون دفع مبلغ الحصة، لأنهم يرون أن دفع مبلغ الحصة سوف يدخلهم بضيق مادي هم بغنى عنه، خاصة أن جميع الشركاء يطمعون لإيجاد فرصة خارج البلد لترك البلد كله والانتقال لغيره، ويريدون تقسيط سعرها على سنوات للخارج، حتى ولو كان الخارج بحاجه لهذا المبلغ، لكي يستطيع ان يبدأ العمل الجديد به، والحجة بذلك قولهم أنه لا علاقة لهم به هو الذي خرج، وسوف ينتقل من البلد، ويشق طريقه، فهو بنظرهم غير متضرر، وسوف يبدأ مستقبلا أفضل له، ويترك الشقاء لمن بقي، وعليه ان يدبر أموره، أما هم فلا ذنب لهم بذلك، سواء هو استطاع فتح عيادته في البلد الجديد أم لم يستطع، مع العلم والحمد لله العيادة تحقق أرباحا جيدة، ولكنها بنفس الوقت متعبة جدا إداريا ونفسيا وجسديا، ولكنهم يقولون وما يدري الشريك إنه لما يخرج تبدأ العيادة بالتدهور، ويقولون: إن كلامهم هذا مستند على مبدأ لا ضرر ولا ضرار.
أرجو منكم شيخنا تفصيل شرعي بهذا الموضوع، يحدد فيه الحق شرعا مستندا إلى أقوال الفقهاء في حق الشريك شرعا وحق فك الشراكة.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

الشركة عقد غير لازم عند الجمهور، فيجوز لأحد الشركاء الخروج منها، ما لم تكن مؤقتة إلى أمد معين.

جاء في "المعايير الشرعية"، ص 199: "يحق لأي من الشركاء الفسخ (الانسحاب من الشركة) بعلم بقية الشركاء، وإعطاؤه نصيبه من الشركة، ولا يستلزم ذلك فسخ الشركة فيما بين الباقين. كما يجوز أن يتعهد الشركاء تعهداً ملزماً لهم ببقاء الشركة مدة معينة" انتهى.

فإذا اتفق الشركاء على أنه لا يخرج أحد منهم من العيادة إلا بعد أربع سنوات، لزمهم الوفاء بذلك.

ثانيا:

إذا مضت أربع سنوات، فلكل شريك الخروج من الشركة، فيعرض حصته على شركائه، فإن اشتروها، وإلا باعها لأجنبي.

وقد روى مسلم (1068) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ".

فحق الشفعة ثابت للشركاء، فإذا لم يشتروا الحصة، فلا يحجر عليه في بيعها لأجنبي.

ولا حق للشركاء في إلزامه ببيع حصته بالتقسيط، فهذا ضرر عليه، بل حقه أن يبيع بالثمن الحال، لهم أو لغيرهم.

والفقهاء ينصون على أن الشفعاء يُمهَلون ثلاثةَ أيام لإحضار الثمن، وإلا باع لغيرهم.

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (4/ 159): " (وإن طلب) الشفيع (الإمهال) لتحصيل الثمن، (أمهل يومين أو ثلاثة) أيام؛ لأنها حد جمع القلة (فإذا مضت) الأيام الثلاثة (ولم يحضره)، أي: يحضر الشفيع الثمن: (فللمشتري الفسخ)؛ لأنه تعذر عليه الوصول إلى الثمن، فملك الفسخ...

(وإن عجز) الشفيع (عن الثمن، أو) عجز (عن بعضه: سقطت شفعته" انتهى.

لكن لو باع الشريك حصته لأجنبي بالأجل، فللشفيع أن يأخذه بالأجل.

قال في كشاف القناع في الموضع السابق: " (وإن كان الثمن) عن الشقص المشفوع (مؤجلا: أخذه) أي: الشقص (الشفيعُ بالأجل، إن كان) الشفيع (مليئا، وإلا)، بأن كان معسرا (أقام) الشفيع (كفيلا مليئا) بالثمن، (وأخذ) الشفيعُ الشِّقْص (به)، أي: بالثمن مؤجلا؛ لأن الشفيع يستحق الأخذ بقدر الثمن، وصفته؛ والتأجيل من صفته. واعتبرت الملاءة، أو الكفيل، دفعا لضرر المشتري" انتهى.

وما قيل من دفع الضرر عن الشركاء، يقال فيه: إن الشريعة راعت رفع الضرر عن الطرفين، عن الشركاء فأتاحت لهم الأخذ بالشفعة، وعن الشريك الذي يريد الخروج، فأتاحت له البيع لأجنبي إذا لم يأخذ شركاؤه حصته.

أما أن يُلزم هذا بالبيع بالتقسيط، فهذا ضرر محقق، في مقابل ضرر محتمل وهو دخول شريك غير مرضي، أو كونهم يتضررون لو دفعوا الثمن حالا، فما أعدلَ الشريعةَ وأكملها.

والحاصل:

أن الشريك له الخروج من الشركة بعد المدة المضروبة، وأن لشركائه الحقَّ في شراء حصته، فإن لم يفعلوا، فله حقٌّ في بيعها لأجنبي، ولا يلزمه أن يبيع لشركائه بالآجل.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android