أولا:
الشركة عقد غير لازم عند الجمهور، فيجوز لأحد الشركاء الخروج منها، ما لم تكن مؤقتة إلى أمد معين.
جاء في "المعايير الشرعية"، ص 199: "يحق لأي من الشركاء الفسخ (الانسحاب من الشركة) بعلم بقية الشركاء، وإعطاؤه نصيبه من الشركة، ولا يستلزم ذلك فسخ الشركة فيما بين الباقين. كما يجوز أن يتعهد الشركاء تعهداً ملزماً لهم ببقاء الشركة مدة معينة" انتهى.
فإذا اتفق الشركاء على أنه لا يخرج أحد منهم من العيادة إلا بعد أربع سنوات، لزمهم الوفاء بذلك.
ثانيا:
إذا مضت أربع سنوات، فلكل شريك الخروج من الشركة، فيعرض حصته على شركائه، فإن اشتروها، وإلا باعها لأجنبي.
وقد روى مسلم (1068) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ".
فحق الشفعة ثابت للشركاء، فإذا لم يشتروا الحصة، فلا يحجر عليه في بيعها لأجنبي.
ولا حق للشركاء في إلزامه ببيع حصته بالتقسيط، فهذا ضرر عليه، بل حقه أن يبيع بالثمن الحال، لهم أو لغيرهم.
والفقهاء ينصون على أن الشفعاء يُمهَلون ثلاثةَ أيام لإحضار الثمن، وإلا باع لغيرهم.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (4/ 159): " (وإن طلب) الشفيع (الإمهال) لتحصيل الثمن، (أمهل يومين أو ثلاثة) أيام؛ لأنها حد جمع القلة (فإذا مضت) الأيام الثلاثة (ولم يحضره)، أي: يحضر الشفيع الثمن: (فللمشتري الفسخ)؛ لأنه تعذر عليه الوصول إلى الثمن، فملك الفسخ...
(وإن عجز) الشفيع (عن الثمن، أو) عجز (عن بعضه: سقطت شفعته" انتهى.
لكن لو باع الشريك حصته لأجنبي بالأجل، فللشفيع أن يأخذه بالأجل.
قال في كشاف القناع في الموضع السابق: " (وإن كان الثمن) عن الشقص المشفوع (مؤجلا: أخذه) أي: الشقص (الشفيعُ بالأجل، إن كان) الشفيع (مليئا، وإلا)، بأن كان معسرا (أقام) الشفيع (كفيلا مليئا) بالثمن، (وأخذ) الشفيعُ الشِّقْص (به)، أي: بالثمن مؤجلا؛ لأن الشفيع يستحق الأخذ بقدر الثمن، وصفته؛ والتأجيل من صفته. واعتبرت الملاءة، أو الكفيل، دفعا لضرر المشتري" انتهى.
وما قيل من دفع الضرر عن الشركاء، يقال فيه: إن الشريعة راعت رفع الضرر عن الطرفين، عن الشركاء فأتاحت لهم الأخذ بالشفعة، وعن الشريك الذي يريد الخروج، فأتاحت له البيع لأجنبي إذا لم يأخذ شركاؤه حصته.
أما أن يُلزم هذا بالبيع بالتقسيط، فهذا ضرر محقق، في مقابل ضرر محتمل وهو دخول شريك غير مرضي، أو كونهم يتضررون لو دفعوا الثمن حالا، فما أعدلَ الشريعةَ وأكملها.
والحاصل:
أن الشريك له الخروج من الشركة بعد المدة المضروبة، وأن لشركائه الحقَّ في شراء حصته، فإن لم يفعلوا، فله حقٌّ في بيعها لأجنبي، ولا يلزمه أن يبيع لشركائه بالآجل.
والله أعلم.