أولا:
إذا كتبت زوجة جدك عقد بيع الأرض لأبيك وإخوتك، ولم تقبض ثمنا، فهو بيع صوري.
ثم إن كانت أعطت الأرض لأبيك وإخوته في حياتها وصحتها بحيث تصرفوا فيها تصرف الملاك، فهي هبة مقبوضة، ولا شيء لأبناء أختها في هذه الأرض.
وإن كان ذلك في حال مرضها مرضَ الموت، أو في صحتها ولم تملكهم الأرض في حياتها، وإنما جعلت ذلك بعد موتها: فهذه وصية، فتنفذ في ثلث الأرض فقط، ويكون الباقي لأبناء أختها، وهم من ذوي الأرحام الذين يرثون عند عدم وجود صاحب فرض أو عصبة.
ثانيا:
اختلف الفقهاء فيمن من وصى بجميع ماله ولا وارث له:
فذهب المالكية والشافعية إلى أنه تنفذ وصيته في الثلث فقط، ويكون الباقي لبيت المال.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن من وصى بجميع ماله، وليس له ورثة مطلقا، فإن المال كله يكون للموصى له، فإن كان له وارث ولو من ذوي الأرحام-كما في مسألتنا- فإن الوصية تنفذ في الثلث فقط، ويكون الباقي ميراثا لذوي الأرحام.
قال البهوتي رحمه الله في "شرح المنتهى" (2/ 456): "(وتحرم) الوصية (ممن يرثه غيرُ زوج أو) غير (زوجة، بزائد على الثلث، لأجنبي، ولوارثٍ بشيء)؛ نصًّا. سواء كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير. الحديث. متفق عليه.
وأما تحريمها للوارث بشيء، فلحديث: إن الله تعالى قد أعطى كلَّ ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث. رواه الخمسة إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي.
(وتصح) هذه الوصية المحرمة، (وتقف على إجازة الورثة)، لحديث ابن عباس مرفوعا: لا تجوز وصية لوارث؛ إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة رواهما الدارقطني.
ولأن المنع لحق الورثة. فإذا رضُوا بإسقاطه نفذ" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (4/ 339): "(ومن لا وارث له بفرض أو عصبة أو رحم، تجوز وصيته بكل ماله) روي عن ابن مسعود؛ لأن منع مجاوزة الثلث ثبت لحق الورثة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة؛ فحيث لا وارث، ينتفي المنع لانتفاء علته" انتهى.
وينظر: "المبسوط" (8/ 92)، "حاشية الدسوقي" (4/ 427)، "مغني المحتاج" (4/ 78).
والحاصل أنه ينظر: هل أعطت زوجة جدك الأرض لأبيك وإخوته في حياتها، وفي غير مرض الموت، فتكونَ هبة لهم؟ أم علقت ذلك على موتها، فتكون وصية، فيأخذون ثلث الأرض، ويكون الباقي لورثتها وهم أبناء أختها؟
والله أعلم.