47

هل تجوز إعارة الموقوف لجهة وقفية أخرى؟

السؤال: 582902

ما حكم إعارة الوقف لوقف آخر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

العارية "(هي إباحة نفع عين) يحل الانتفاع بها، (تبقى بعد استيفائه)، ليردها على مالكها " انتهى من الروض المربع، ص419

والذي فهم من السؤال أنه عن نقل شيء موقوف، كمصاحف وكتب علم وأدوات مسجد، إلى مسجد آخر، أو محل وقف آخر.

والأصل منع ذلك، لوجوب التقيد بشرط الواقف، فإن الواقف إذا جعل هذه المصاحف أو الكتب أو الأدوات على مسجد معين، وجب التزام شرطه، وحرم نقلها إلى مسجد آخر أو محل وقف آخر.

قال مرعي الحنبلي في "دليل الطالب" ص 188: " ونص الواقف كنص الشارع، يجب العمل بجميع ما شرطه؛ ما لم يُفْضِ إلى الإخلال بالمقصود" انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (44/ 134): "شرط الواقف إذا كان غير مخالف للشرع، وليس فيه ضرر بالوقف، ولا بالمستحقين: فإنه يجب اتباعه، ولأن الواقف مالك، فله أن يجعل ماله حيث يشاء، ما لم يكن معصية" انتهى.

هذا هو الأصل.

وأجاز بعض أهل العلم نقل الوقف، ومخالفة شرط الواقف لمصلحة راجحة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وَيَجُوزُ تَغْيِيرُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 429).

وقال في "مطالب أولي النهى" (4/ 299): "(وعند الشيخ) تقي الدين نصا: (يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه، فلو وقف على فقهاء أو صوفية، واحتيج للجهاد، صُرف للجند) . انتهى" انتهى.

فلو كانت المصاحف-مثلا- في مسجد لا ينتفع بها أحد، جاز نقلها إلى مسجد فيه من يحتاجها، أو كان في المسجد آلةٌ مستغنىً عنها، وهناك مسجد يحتاج لها، جاز نقلها إليها، نقلا دائما، أو نقلا مؤقتا على سبيل العارية.

ثانيا:

من صور إعارة الوقف:

أن يكون الوقف على شخص معين، فيجوز له أن يُعير الوقف؛ لأنه يملك منافعه.

قال في "مطالب أولي النهى" (4/ 303): " (و) ينتقل الملك، (فيما وُقف على آدمي) معين، كزيد وعمرو، له" انتهى.

أي ينتقل ملك الوقف له، موقوفا عليه. ولذلك له أن يعيره لغيره، لأنه يعير ملكا له. بشرط أن يكون المتبرع بالغا عاقلا رشيدا.

وعلى القول بأن ملك الوقف لا ينتقل إلى الموقوف عليه، وإنما تنتقل منفعته؛ فالعارية إنما يتصرف في منفعتها، لا في عين الشيء المستعار؛ فإذا أعارها؛ فإنما يعيرها لأجل منفعتها التي هي ملكه.

قال النووي رحمه الله في "منهاج الطالبين"، ص170: "الأظهر أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله تعالى، أي ينفك عن اختصاص لآدمي فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه.

ومنافعه ملك للموقوف عليه، يستوفيها بنفسه وبغيره، بإعارة، وإجارة، ويملك الأجرة" انتهى.

قال الخطيب الشربيني، رحمه الله: " (ومنافعه) أي ‌الموقوف على معين عند الإطلاق (ملك للموقوف عليه) وفسر المصنف هذا الملك بقوله (‌يستوفيها ‌بنفسه وبغيره بإعارة وإجارة) كسائر الأملاك". انتهى، من "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (3/ 546).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android