إذا صلى منفردا ورأى من يصلي منفردا فهل يقطع صلاته ليصلي معه؟

السؤال: 581385

حصلت لي مسألة أرجو منكم توضيح الحكم الشرعي فيها:
دخلت المسجد وقت صلاة العصر، ووجدت أن الإمام قد انتهى من الصلاة، فأقمت الصلاة وبدأت أصلي، وأثناء صلاتي دخل رجل آخر المسجد، فأقام الصلاة بصوت مسموع، وبدأ يصلي أيضاً، وأنا كنت أصلي منفردا، فعندما سمعته يقيم الصلاة، لم أكن أعلم هل يجب علي أن أقطع صلاتي وأدخل معه في جماعة، أم أُكمل صلاتي؟
فأكملت صلاتي ولم أقطعها، فهل ما فعلته صحيح؟ وهل الأفضل في مثل هذه الحال أن أقطع صلاتي وأدخل معه في جماعة، أم أُكمل صلاتي منفرداً؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولاً:

إكمالك للصلاة صحيح. ولا يُستحب قطع الصلاة المفروضة التي شُرعت فيها منفردًا لمجرد دخول شخص آخر في المسجد يصلي منفردًا أيضًا؛ لأن الجماعة في هذه الحالة لم تتشكل بعد.

ودليل المنع من قطع الصلاة: عموم قوله تعالى: (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد/ 33].

ثانياً:

إذا كنت منفرداً في صلاة الفرض، ودخلت جماعة تصلي: فالأفضل أن تقلب صلاتك نفلا، ثم تصلي مع الداخلين صلاة الجماعة، لأجل تحصيل فضل الجماعة.

وإن قطعتها وصليت معهم فلا بأس، لأن قطعها لمصلحة شرعية تعود إلى نفس الصلاة.

جاء في "الكافي" لابن قدامة الحنبلي رحمه الله (1/ 177):

"أحرم منفردا،ً فحضرت جماعة: فأَحبَّ أن يصلي معهم؟

فقال أحمد رضي الله عنه: "أَحبُّ إليَّ أن يقطع الصلاة، ويدخل مع الإمام".

فإن لم يفعل، ودخل معهم [=يعني: لم يقطع صلاته، وانضم إلى الجماعة وهو في نفس صلاته]: ففيه روايتان: إحداهما: لا يجزئه؛ لأنه لم ينو الائتمام في ابتداء الصلاة.

والثانية: يجزئه؛ لأنه لما جاز أن يجعل نفسه إماماً، جاز أن يجعلها مأموما" انتهى.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعليقاً على كلام الإمام أحمد رحمه الله:

الإمام أحمد رحمه الله قال: أعجب إلي أن أقطع الصلاة، أو أحب على نسخة أخرى.

لكن لو قال قائل: كيف يقطع الصلاة، وقد دخل في فرض والمعروف أن من دخل في فرض، فإنه لا يجوز له أن يخرج منه إلا بعذر شرعي؟

فالجواب: أن هذا قطع الصلاة من أجل أن يكملها. وهناك فرق بين من يقطع الصلاة ليتخلص منها، وبين من يقطعها من أجل أن يكملها.

ونظير ذلك: لو أن إنساناً أحرم بالحج وفي أثناء فعله وبعد أن طاف قال أريد أن أجعل هذا الطواف والسعي للعمرة، لأتخلص من الحج. ففعل طاف وسعى وقصر ورجع لبلده: فلا يجوز هذا.

ولو قال: أريد أن أتحلل بعمرة لأكون متمتعاً: جاز. أي: إن هذا الإنسان أحرم بالحج، قال لبيك حجة، ولما طاف وسعى قال: أريد أأجعلها عمرة. فقصر ليصير متمتعاً؟

نقول: هذا جائز. لماذا؟ لأنه قطع هذا الفرض لينتقل إلى ما هو أكمل، لا ليتخلص.

فهذا وجه قول الإمام أحمد رحمه الله.

ويمكن أن يؤخذ من إذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن نذر أن يصلي في بيت المقدس، قال له: (صلِّ ها هنا). لأنه انتقل من مفضول إلى أفضل.

لكن المثال الذي يطابق، وهو أقرب إلى المسألة التي ذكرها الإمام أحمد: هي مسألة تحلل المفرد بالحج ليكون متمتعاً" انتهى من "تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة" (2/ 43).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع فتاويه" (30/ 155):

"س/ إنسان كان يصلي الفرض وحده وفي أثناء ذلك دخل جماعة المسجد وكبروا للصلاة جماعة، فهل يقطع صلاته أو ينويها نفلا كي يصلي معهم؟

فأجاب: الأفضل أن يقلبها نفلا، ثم يصلي مع الداخلين صلاة الجماعة، لأجل تحصيل فضل الجماعة.

وإن قطعها، وصلى معهم: فلا بأس، لأنه قطعها لمصلحة شرعية تعود على نفس الصلاة، والله ولي التوفيق" انتهى.

انظر: فتوى رقم: (112054).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android