أولا:
تجب الزكاة في العقار المتخذ للتجارة، ولو كان تحت الإنشاء، كلما حال الحول.
والأصل في ذلك: ما روى أبو داود (1562) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ.
وقد اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة في عروض التجارة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن شخص اشترى أرضا وينوي أن يبيعها حال الانتهاء من بنائها؟
فأجاب الشيخ: " الزكاة واجبة في هذه الأرض، زكاة عروض، لأنه اشتراها ليربح فيها، ولا فرق بين أن ينوي بيعها قبل تعميرها أو بعده، كمن اشترى قماشا ليربح فيه بعد خياطته ثيابا" انتهى من "مجموع الفتاوى لابن عثيمين" (18/ 146).
وحول التجارة هو حول النقود التي دخلت في التجارة، إذا كانت النقود نصابا.
وذلك أن النقود إذا تحولت إلى عروض تجارة، لم ينقطع حول النقود.
قال في زاد المستقنع ص 87: " وإن اشترى عَرْضا بنصاب من أثمان أو عروض، بنى على حوله" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (2/ 504): " متى أبدل نصابا من غير جنسه، انقطع حول الزكاة، واستأنف حولا، إلا الذهب بالفضة، أو عروض التجارة؛ لكون الذهب والفضة كالمال الواحد؛ إذ هما أروش الجنايات، وقيم المتلفات، ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة.
وكذلك إذا اشترى عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان، أو باع عرضا بنصاب، لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تجب في قيمة العروض، لا في نفسها، والقيمة هي الأثمان، فكانا جنسا واحدا" انتهى.
فلو ملكتَ النقود في رمضان، ثم اشتريت الأرض في شوال، وبدأت البناء في محرم، فإن حول الزكاة يكون في رمضان.
ثانيا:
الواجب إذا حال الحول أن يقوّم البناء الموجود، على حالته، مع الأرض، فلو كان البناء ثمانية شقق، فانظر قيمة كل شقة عند حولان الحول، وتلزم الزكاة في مجموع القيم.
وإذا كان معكم نقود عند الحول، أضيف ذلك للقيمة.
وإذا بعتم شيئا بالتقسيط، كان المتبقي دينا، فإن كان الدين على مليء، أي قادر باذل للدين، ليس جاحدا ولا معسرا، فإن الدين يزكى مع القيمة.
فمعادلة الزكاة: النقود الموجودة + قيمة البناء + الدين المرجوّة
فيخرج من هذا المجموع ربع العشر، أي 2.5%
ثالثا:
إذا كنتم شركاء، وكان حول النقود التي شاركتم بها مختلفا، فكل شريك يراعي حوله، فلو كان حول مالك في رمضان، وحول إخوانك في شوال، وذي القعدة، وذي الحجة، فكل يزكي في وقت حوله، فيجري المعادلة السابقة، ويحسب منها نصيبه، ثم يزكيه.
ولكم أن تجعلوا الزكاة في وقت واحد، وذلك بتعجيلها وإخراجها في حول أوّلكم، أي في رمضان، في المثال السابق.
رابعا:
من كان عنده نقود، أخرج زكاة عقاره في وقتها.
ومن لم يكن معه نقود، فإنه يحسب الزكاة، وتبقى دينا في ذمته إلى أن يتسير له الأمر، ببيع شيء من الشقق، أو باستفادته نقودا من طريق آخر.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 327): " س: شخص يملك أرضا تقدر قيمتها مثلا مائة ألف ريال، وهي للتجارة، وحال عليها الحول، وصاحبها لا يملك سواها؛ فهل له الاستقراض من الناس ليزكيها، أو يزكيها بعد بيعها لما مضى من الأعوام، كما يقول بعض الناس، فإذا دفع الزكاة بعد البيع لعدة أعوام، كيف يعين قيمتها لكل عام لتفاوتها في كل وقت وآخر؟
ج: يقوم هذه الأرض عند كل حول، فإذا كان عنده من النقود ما يكفي لإخراج الزكاة في كل سنة أخرجها، وإن لم يكن عنده شيء يزكيها به، فلا يجب عليه أن يقترض لإخراج الزكاة، وإذا اقترض وأخرجها جاز ذلك، وإذا لم يقترض تبقى الزكاة في ذمته، ويخرجها عن الأعوام الماضية إذا باع الأرض، أو تيسر له مال يزكيها منه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
والله أعلم