المستأجر إذا بنى في أرض المالك بإذنه، ولم يشترط مقابلا، كان هذا تبرعا منه، وصار البناء ملكا لصاحب الأرض.
لكن المسجد، لا يصير ملكا لأحد، بل هو وقف، وملك لله تعالى.
فإذا قامت البلدية بتثمين الأرض والمسجد المبني داخل الاستراحة للإزالة، فإن المستأجر يستحق قيمة بنائه من التثمين؛ لما تقدم من أن صاحب الأرض لم يملك المسجد حتى يملك عوضه.
ويلزم المستأجر وضع هذا التعويض في بناء مسجد آخر؛ لأنه مال نشأ عن الوقف، فيكون وقفا، ويوضع في نفس الجهة. وقد نص الفقهاء على أنه لو انهدم مسجد فإن أنقاضه تباع وتوضع في مسجد آخر.
فإن لم يكف التعويض لبناء مسجد مستقل، شارك به في بناء مسجد.
قال في "التاج والإكليل" (7/662): " لا يجوز بيع مواضع المساجد الخرِبة؛ لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها، إذا خيف عليه الفساد؛ للضرورة إلى ذلك.
وتوقيفه لها إن رجي عمارتها أمثل. وإن لم يرج عمارتها، بيع، وأعين بثمنها في غيره، أو صرف النقض إلى غيره" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/28): " الوقف إذا خرب، وتعطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت، وعادت مواتا، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلَّى فيه، أو ضاق بأهله، ولم يمكن توسيعه في موضعه، أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته، ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه؛ جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته.
وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه: بيع جميعه.
قال أحمد، في رواية أبي داود: إذا كان في المسجد خشبتان، لهما قيمة، جاز بيعهما، وصرف ثمنهما عليه.
وقال في رواية صالح: يحول المسجد خوفا من اللصوص، وإذا كان موضعه قذرا. قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه" انتهى.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: " ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر، أصلح لأهل البلد منه، وبِيع الأول: فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء. واحتج أحمد بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر؛ وصار الأول سوقا للتمارين" انتهى من "مجموع الفتاوى" (31/252).
ولو أن صاحب الأرض هو من بنى المسجد، فأزالته الدولة وعوضته، للزمه أن يضع مال المسجد في بناء مسجد آخر.
والحاصل:
أن قيمة بناء المسجد من التعويض تعطى لباني المسجد وهو المستأجر، ويلزمه أن يضعه في بناء مسجد آخر.
والله أعلم.