28

هل يمر المنافقون على الصراط؟

السؤال: 578243

هل يمر المنافقون على الصراط؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

المنافقون لا يمرون على الصراط مرورا كاملاً ويتجاوزنه كالمؤمنين، وإنما إذا توسطوا على الصراط يعطون نوراً، ثم يطفأ النور فيقولون للمؤمنين "انتظرونا نستضئْ من نوركم، فتقول لهم الملائكة -على وجه السخرية منهم-: ارجعوا وراءكم فاطلبوا نورًا، فَفُصِل بينهم بسور له باب، باطنه مما يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره مما يلي المنافقين من جهته العذاب". "التفسير الميسر" (1/ 539)

قال الله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد/ 13].

قال ابن القيم رحمه الله في "طريق الهجرتين"  (2/831):

"أما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، فإذا أتوا على الصراط سلب الله تعالى نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقى المنافقون قالوا: رَبَّنَا أَتمِمْ لَنَا نُورَنَا [التحريم: 8]".

وقال رحمه الله  :

"والمقصود أن هذه الطبقة (أي: المنافقين) أشقى الأشقياء، ولهذا يستهزأ بهم في الآخرة، ويعطون نوراً يتوسطون به على الصراط، ثم يطفىء الله نورهم، ويقال لهم: (ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا) ويضرب بينهم وبين المؤمنين (بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد/13]" انتهى من "طريق الهجرتين" (2/880).

وقال رحمه الله في "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص: 309):

"وَقد طفىء نور الْمُنَافِقين على الجسر، أحْوج مَا كَانُوا إليه، كَمَا طفىء فِي الدُّنْيَا من قُلُوبهم وأعطوا دون الْكفَّار نورا فِي الظَّاهِر". انتهى.

وقد روى مسلم في صحيحه (191) عن جابر رَضِيَ الله عنه أنَّه سُئِلَ عن الوُرودِ فقال: تُدعى الأمَمُ بأوثانِها، وما كانت تَعْبُدُ، الأوَّلُ فالأوَّلُ، ثُمَّ يَأتينا رَبُّنا بَعدَ ذلك، فيَقولُ: مَن تَنظُرونَ؟ فيَقولونَ: نَنظُرُ رَبَّنا، فيَقولُ: أنا رَبُّكم، فيَقولونَ: حَتَّى نَنظُرَ إليك، فيَتَجَلَّى لهم يَضحَكُ، قال: فيَنطَلِقُ بهم، ويَتَبْعونَه، ويُعطى كُلُّ إنسانٍ منهم مُنافِقًا أو مُؤمِنًا نُورًا، ثُمَّ يَتْبَعونَه، وعلى جِسرِ جَهَنَّمَ كَلاليبُ وحَسَكٌ، تَأخُذُ من شاءَ اللهُ، ثُمَّ يُطفَأُ نُورُ المُنافِقينَ، ثُمَّ يَنجو المُؤمِنونَ، فتَنجو أوَّلُ زُمرةٍ وُجوهُهم كالقَمَرِ لَيلةَ البَدْرِ سَبعونَ ألفًا لا يُحاسَبونَ، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهم كأضوأِ نَجمٍ في السَّماءِ، ثُمَّ كذلك .

وروى الطبراني في "المعجم الكبير" (11/122) بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَدْعُو النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِهِمْ سِتْرًا مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ الصِّرَاطِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي كُلَّ مُؤْمِنٍ نُورًا، وَكُلَّ مُنَافِقٍ نُورًا، فَإِذَا اسْتَوَوْا عَلَى الصِّرَاطِ، سَلَبَ اللَّهُ نُورَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: (انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا).[التَّحْرِيمِ: 8] . فَلَا يَذْكُرُ عِنْدَ ذَلِكَ أَحَدٌ أَحَدًا". وذكره ابن كثير في تفسيره (8/17).

والحديث: ذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1/623) رقم (434)، وحكم عليه بالوضع.

«وقال الضحاك: ليس أحد إلا يعطي نورًا يوم القيامة، فإذا ‌انتهوا ‌إلى ‌الصراط طفئ نور المنافقين، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين فقالوا: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا [التحريم: 8]». انتهى، من "تفسير ابن كثير - ط ابن الجوزي" (7/ 176).

وعن الحسنِ البصري، أنه كان إذا قرَأ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ. قال: "يُلْقَى على كلِّ مؤمنٍ ومُنافقٍ نورٌ يَمْشون به، حتى إذا ‌انتَهَوا ‌إلى ‌الصراطِ، طُفِيء نورُ المنافقين، ومضَى المؤمنون بنورِهم، فيُنادُونهم: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ إلى قوله: وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ [الحديد: 13، 14]. قال الحسنُ: فتلك خَدِيعَةُ اللَّهِ إياهم". "تفسير الطبري" (7/ 612).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android