الركعتان قبل الفجر تسمى راتبة الفجر، أو السنة المؤكدة لصلاة الفجر، وهي تصلى بعد أذان الفجر وقبل الصلاة المكتوبة، وسماها المالكية رغيبة وجعلوها في منزلة بين السنة المؤكدة والنفل المطلق، والصواب قول الجمهور للأدلة الصريحة بكونها راتبة مؤكدة.
هل راتبة الفجر من الرغائب أو السنن؟
السؤال: 577957
هل السنة الرتيبة قبل الفجر هي نفسها صلاة الفجر السنة المؤكدة التي تصلى قبل صلاة الصبح الفريضة، أم هي غير ذلك؟ وهل تصلى بعد أذان الفجر، أم بعد أذان الصبح؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً:
الركعتان قبل الفجر تسمى راتبة الفجر، أو السنة المؤكدة لصلاة الفجر ، وهي تصلى بعد أذان الفجر، وقبل الصلاة المكتوبة كما سيأتي بيانه.
و لعل مراد السائل ما ذكره المالكية–لأنه مذهب بلد السائل- من التفريق بين السنن المؤكدة، وراتبة الفجر، وسموها الرغيبة، وجعلوها في منزلة بين السنن المؤكدة، والنوافل المطلقة.
ولكنهم قرروا افتقارها لنية التعيين، كالرواتب؛ بخلاف النوافل المطلقة.
وهذا ما جعل بعض المالكية ينفون هذا التفريق، وقالوا إن التنصيص على حاجتها لتعيين النية يدل على أنها من الرواتب المؤكدة.
جاء في "جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر" (2/ 298):
"النوافل على قسمين:
- مقيدة بأزمانها، أو بأسبابها، كـ: السنن الخمس السابقة، فلا بد فيها من نية التعيين، فمن افتتح الصلاة من حيث الجملة، ثم أراد ردها لهذه، لم يجزئه.
- ومطلقة، وهي: ما عداها، وعدا ركعتي الفجر، فيكفي فيها نية الصلاة، ونحوه في الطراز"
وجاء في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 79):
"وما ذكره المصنف من أنها رغيبة، قال الشارح: هو أحد قولي مالك، وبه أخذ ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ، وهو الراجح عند ابن أبي زيد، لقوله: وركعتا الفجر من الرغائب.
وقيل: من السنن، وهذا القولُ الثاني لمالك، وبه أخذ أشهب، قال ابن عبد البر: وهو الصحيح" انتهى
وجاء في "البيان والتحصيل" (1/ 401):
"وأما ركعتا الفجر فقيل: إنهما من الرغائب، وهو قول مالك في رواية أشهب هذه عنه، وقول أصبغ في كتاب المحاربين والمرتدين، وقيل: إنهما من السنن"
وجاء في "خلاصة الجواهر الزكية في فقه المالكية" (ص22):
"س: ما هي الصلوات المسنونة المؤكدة؟
ج: الصلوات المسنونة المؤكدة خمس صلوات، الوتر، فالعيدان، فصلاة كسوف الشمس، فصلاة الاستسقاء.
س: ما حكم صلاة الفجر؟
ج: حكمها: رغيبة، وهي ركعتان يقرأ فيهما بأم القرآن (الفاتحة)"
وجاء في "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (1/ 505):
"وهي رغيبة، لا سنة؛ بل دونها، وفوق النافلة. تفتقر لنية تخصها عن مطلق النافلة، بخلاف غيرها من النوافل المطلقة، فيكفي فيه نية العبادة. قال في الطراز: النوافل المقيدة، بأوقاتها أو بأسبابها، كالسنن الخمس والفجر: لا بد فيها من نية التعيين"
وجاء في "جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر" (2/ 297):
"وهي -أي: صلاة الفجر- رغيبة -أي: رتبة دون السنة- عند ابن القاسم-، وتقدم أنه سنة عند ابن الحاجب، وتقدم تصحيح ابن عبد البر لهذا.
وإذا كانت رغيبة، فهي تفتقر لنية تخصها، أي يميز كونها فجرا، بخلاف سائر النوافل التابعة للفرائض، لا تفتقر لنية تخصها، وإلا فكل نافلة لا بد لها من نية" انتهى.
وجاء في "الفقه على المذاهب الأربعة" (1/ 196):
"المالكية قالوا: الصلاة غير المفروضة: إما أن تكون سنة مؤكدة؛ وهي صلاة الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء، وهذه يلزم تعيينها في النية، بأن ينوي صلاة الوتر أو العيد، وهكذا.
وإما أن تكون رغيبة؛ وهي صلاة الفجر لا غير، ويشترط فيها التعيين أيضاً، بأن ينوي صلاة الفجر.
وإما أن تكون مندوبة، كالرواتب والضحى والتراويح والتهجد، وهذه يكفي فيها نية مطلقة للصلاة، ولا يشترط تعيينها، لأن الوقت كاف في تعيينها…"
ثانياً:
الصواب، وهو الذي دلت عليه النصوص الصريحة: أن راتبة الفجر سنة مؤكدة، وتسمى عند الجمهور سنة راتبة، وهي السنن التي ارتبط فعلها وفضلها بالفرائض قبلها أو بعدها.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ : " حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، وَطَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ" رواه البخاري (1126).
وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" رواه مسلم (725).
قال ابن بطال رحمه الله:
"هذا الحديث يدل على فضل ركعتي الفجر، وأنهما من أشرف التطوع، لمواظبته (صلى الله عليه وسلم) عليهما وملازمته لهما. روى ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: ما رأيت رسول الله يسرع إلى شيء من النوافل، إسراعه إلى ركعتي الفجر، ولا إلى غنيمة. وروى قتادة، عن زرارة بن أبى أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: قال رسول الله: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
وقال أبو هريرة: لا تدع ركعتي الفجر، ولو طرقتك الخيل. وقال عمر: هما أحب إلى من حمر النعم" انتهى من "شرح صحيح البخاري - ابن بطال" (3/ 149).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فليس هناك ركعات واجبة قبل صلاة الفجر، لأن ما قبل صلاة الفجر سنة راتبة، لكنها أفضل الرواتب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
والسنة ألا يصلى الإنسان بين أذان الفجر وصلاة الفجر إلا هاتين الركعتين" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (8/ 2 بترقيم الشاملة آليا).
ثالثاً:
صلاة الفجر هي صلاة الصبح، لا فرق بينهما، تسمى صلاة الفجر، وتسمى صلاة الصبح, وهكذا بعض الصلوات لها أكثر من اسم شرعي، وقد سبق بيان ذلك في فتوى سابقة في الموقع بأدلته فيرجع إليها: (79345).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"صلاة الصبح: هي صلاة الفجر، فليس هناك فرق صلاة الصبح هي صلاة الفجر، ليس هناك صلاتان، صلاة الفجر، هي صلاة الصبح.
وهي ركعتان فريضة بإجماع المسلمين، بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ركعتان.
والأفضل أن تؤدى بغلس، قبل الإسفار الكامل، يؤديها الرجل في الجماعة، إلا المريض الذي لا يستطيع يصليها في بيته، والمرأة كذلك تصليها في البيت قبل الشمس.
ولا يجوز تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس، بل يجب أن تؤدى قبل طلوع الشمس. والأفضل في أول الوقت، في وقت الغلس مع بيان الفجر واتضاح الفجر وانشقاقه.
يقال لها: صلاة الفجر ويقال لها: صلاة الصبح. ويجب على المسلم أن يعتني بها، ويحافظ عليها في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس كما يفعل بعض الناس، يؤخرها حتى يقوم للعمل، هذا منكر عظيم، وهو كفر عند جمع من أهل العلم. نسأل الله العافية.
فالواجب الحذر، وأن يحافظ عليها في وقتها الرجل والمرأة جميعاً" انتهى من "فتاوى نور على الدرب لابن باز" (7/ 57).
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟