ما طريقة إرشاد ملحد الى الاسلام؟

السؤال: 577846

هناك امرأة ملحدة قد رأت أن السماء قد انفتحت فتحة كبيرة، وداخل هذه الفتحة طبقات عدة وأبواب، وقد سمعت صوتًا داخل رأسها يقول: (أنا معك، وأنا سوف أدلك على الطريق الصحيح)، وقد روت لي هذه القصة، ولم يكن ذلك أثناء نومها، بل كان في الحياة الواقعية، ومن خلال هذه الحادثة، بدأت تقرأ أكثر في العلوم، وما يخص ذلك من علم الطاقة والضوء والصوت، ومما تحدثت عنه أحيانًا أمورٌ دينية. وأنا أريد أن أرشدها إلى الطريق الصحيح، ولكن لا أعلم كيف، فهل هناك نصيحة أتبعها لكي أرشدها إلى طريق الإسلام؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا رواه مسلم (2674).

2. يجب على الداعية أن يتضلع في العلم ويكثر من القراءة فيما يخص المدعو.

3. الدعوة بالرحمة: يجب أن تكون دعوة الداعية مفعمة بالرحمة، بحيث يشعر أنه ينقذ المدعو من وحل الكفر إلى نور الإسلام، ومن طريق النار إلى طريق الجنة. قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (الأنبياء/ 107)

4. الاستخارة واختيار الوقت والأسلوب المناسبين: من المهم الاستخارة عند اختيار الوقت وطريقة الكلام. فقد يكون المدعو في وقت نفسيته ضعيفة، بسبب مرض، أو ضغط نفسي، أو إرهاق، أو مشكلات حياتية. وكذلك اختيار الألفاظ المناسبة للمدعو ، فقد لا يصلح معه ما يصلح لغيره، والعكس بالعكس، فالاستخارة هي في حقيقتها توكل واعتماد على الله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق/ 3].

5. التعامل بالرفق واللين والحكمة : قال تعالى: ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (النحل: 125).

6. الإهداء والإكرام: من المستحسن جداً .. إكرام المدعو وإهداؤه بما يحب، لأن الناس يحبون الإحسان، وهذا يهيئهم لقبول الدعوة؛ فمن مصارف الزكاة المؤلفة قلوبهم.

7. التعريف بالله عز وجل : التعريف بالله هو الأساس الأعلى في الدعوة، وهو المشترك بين جميع الخلق، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، متدينين أو فاجرين.

8. القرآن هو الدعوة الكبرى: ذِكْر الله تعالى هو أبلغ من النظريات الفلسفية. القرآن يحوي الدعوة لكل كافر: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام/ 19] فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (يونس/ 68).

ثانياً: القواعد الأساسية للتعامل مع الملحد:

قد يكون الإلحاد بسبب شبهة فكرية: مثل مشكلة الشر والمعاناة، أو التعارض المزعوم بين العلم والدين.

وقد يكون بسبب الشهوة: بالنفور من قيود الدين على الحرية الشخصية، سواء في العلاقات أو اللباس أو طريقة التعبير.

لذلك يبدأ المسلم بالسؤال: ما الذي أبعدك عن الإيمان بالله؟

3. الرحمة والإنصات: لا تسخر المسلمة من تجربة الملحدة (رؤية السماء، سماع الصوت). بل تعتبرها تنبيهًا للبحث.

الخالق الحكيم لم يترك البشر بلا هداية. بل أرسل أنبياء كثيرين برسالة واحدة: عبادة الله وحده.

ثالثاً:

نموذج حوار (المسلمة مع الملحدة).

يُعد إعداد نموذج حوار بين (الملحدة والمسلمة) وسيلة فعّالة لتيسير نقل المعلومة، وضمان تسلسل الأفكار وتركيزها، مما يساعد على الفهم الصحيح، ويقلل من احتمالات الخطأ أثناء النقاشات. كما يُمكّن هذا النموذج من سرعة استيعاب المحتوى، وسهولة نقله للآخرين، خاصة لمن يفتقر إلى الخبرة في محاورة غير المسلمين.

حوار بين ملحدة ومسلمة:

المسلمة: ما الذي أبعدك عن الإيمان؟ (أحيانًا يكون السبب فكرة أو شبهة ، وأحيانًا شعور بأن الدين يقيّد الحرية الشخصية).

الملحدة:  الدين فيه تناقضات، ويقيد حرية العلاقات واللباس.

المسلمة: أتفهم شعورك. الحرية مهمة، لكن بلا نظام تتحول لفوضى. مثل قوانين المرور.. الدين يوفر حرية منضبطة تحمي الإنسان والمجتمع.

الملحدة: ربما… وأحيانًا أرى أن الكون يفسر نفسه.

المسلمة: أتفهم هذا الشعور. لكن دعينا نتأمل: العلم النظري المعاصر يشرح كيف تعمل الأشياء، لكنه لا يجيب عن لماذا وُجدَت أصلًا. قوانين الفيزياء، دقة الحمض النووي، توازن الكون، نظم الكون الدقيقة، … هل تعتقدين أنها ظهرت من العدم بلا قصد؟

الملحدة: لا أدري، ربما هي مجرد صدفة.

المسلمة: لو وَجدْتِ كتابًا مليئًا بالمعلومات الدقيقة، هل ستقولين إن الحبر انسكب بالصدفة على الورق فكوّن الكتاب؟ أم أن وراءه مؤلفًا عاقلًا؟

الكون أعظم من أي كتاب: نور، طاقة، قوانين… كلها تشير إلى خالق حكيم.

المسلمة: تجربتك مؤثرة، وربما هي دعوة لك للبحث عن الحقيقة.

المهم: هل تقودك هذه التجربة لاكتشاف الخالق الحق، أم تتركك حائرة بين أفكار "الطاقة" والخيال؟

الملحدة: صحيح… أنا صرت مهتمة بالطاقة والضوء.

المسلمة: جميل، هذا يعكس رغبتك في الفهم. لكن الطاقة والضوء مخلوقات تعمل بقوانين. والسؤال: من وضع هذه القوانين المحكمة؟ هذا يقودنا إلى الخالق، لا إلى طاقة مجهولة.

الملحدة: وإذا وُجد خالق، كيف أعرفه؟ كل الأديان تدّعي أنها الحق.

المسلمة: سؤال منطقي. الله لم يترك البشر في حيرة. أرسل أنبياء عديدين: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى… وأخيرًا محمدًا عليهم الصلاة والسلام. رسالتهم واحدة: عبادة الله الحق وحده.. الكتب السابقة تعرضت للتحريف، لكن القرآن بقي محفوظًا أكثر من ١٤٠٠ سنة دون تغيير.

هل فكرتِ في قراءة القرآن لتتعرفي على رسالته؟

الملحدة: لم أقرأه من قبل، لكنني مهتمة بمعرفة المزيد.

المسلمة: الفكرة يسيرة: جربي قراءة ترجمة معاني القرآن بنفسك بعقل مفتوح. لا أطلب منك تصديقًا أعمى، فقط تجربة فكرية: ماذا لو كان هذا فعلًا كلام الخالق؟

الملحدة: عندي أسئلة كثيرة حول الحياة والروح.

المسلمة: القرآن يُقدّم إجابات عن أسئلتك.

الملحدة: يعني أقرأ القرآن فقط؟

المسلمة: نعم، جربي. لأنه إن كان من عند الله، ستجدين فيه إجابة أسئلتك الكبرى: من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ إلى أين المصير؟ وستجدين الطمأنينة التي تبحثين عنها: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.

الملحدة: لفت انتباهي قولك: إن القرآن بقي محفوظًا أكثر من ١٤٠٠ سنة دون تغيير..

المسلمة: نعم.. القرآن معجز في حفظه ولغته وعلمه.

معجز في حفظه: فالقرآن قد حفظه الله، فهو محفوظ في الصدور، وفي المصاحف، فلا يستطيع أحدٌ أن يُدخل أو يُحدث حرفًا واحدًا. محفوظٌ في حروفه، فحتى رسم هذا المصحف المسلمون من أول المصحف إلى آخره لا يختلفون فيه (كل آية فيها ضبطٌ دقيق). قال الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].

معجز في لغته: فإن الله تعالى منذ القرن السابع الميلادي قد تحدّى الإنس والجن أن يأتوا بمثله  فعجزوا! ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سورٍ مثله، فعجزوا! ثم خفف عليهم بأن يأتوا بسورةٍ واحدة (وأصغر سورة في القرآن سطر واحد)، وإلى الآن لم يستطيعوا!

مع أن الذين تحداهم كانوا أبلغ الخلق، وأفصحهم، والقرآن نزل بلغتهم، ومع هذا أعلنوا عجزهم التام الكامل، وبقي التحدي على مدار التاريخ، فلم يستطع أحد من الخلق أن يأتي بشيء من ذلك، ولو كان هذا كلام بشر لاستطاع بعض الخلق أن يأتي بمثله أو قريبا منه.

القرآن معجز في علمه: فقد أثبتت الدراسات العلمية من علماء وبروفيسورات متخصصين في الطبيعة والفضاء، ومن غير المسلمين، بما قد أثبته الله في القرآن منذ القرن السابع الميلادي:

في عصرنا الحاضر منذ أقل من 100 سنة تأكد الباحثون من أن الإنسان وهو جنين لا يوجد  دفعة واحدة، إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل ، وهذه الحقيقة قد أثبتها القرآن في القرن السابع الميلادي ، قال الله تعالى في القرآن (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ) (الزمر:6) وقال: (مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (نوح:14). ولم يكن هناك كهرباء ولا ميكروسكوبات .

الملحدة: ربما كان ما قاله محمد والقرآن من قبيل المصادفة!

المسلمة: لو كانت مصادفة، لما جاء هذا الوصف الدقيق لتطور خلق الإنسان؛ فالقرآن لم يذكر المراحل في موضع واحد أو بصيغة مجملة، بل ذكره أكثر من مرة، وفصّل كل طور على حدة، وبيّن ما يحدث في كل مرحلة، قال الله تعالى: (ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ * ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ). [المؤمنون/ 13، 14].

وفي عصرنا الحديث، اكتشف علماء الجيولوجيا أن أعماق البحار تتكوّن من طبقات، كل طبقة فيها ظلمة، والتي تليها تكون أشد ظلمة، حتى تتكوّن ظلمات متراكمة لا يُرى فيها شيء. كما أثبت العلم وجود أمواج داخلية في أعماق البحر، تُشبه الأمواج الظاهرة على سطحه. وهذه الحقيقة أشار إليها القرآن بدقة، قال الله تعالى: 

(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور: 40]. 

فسبحان من أنزل هذه العلوم المحكمة قبل أن تكتشفها البشرية بقرون. 

المسلمة: وأخيرا .. قولي بإخلاص : يا رب إن كنت موجودا فاهدني إلى الطريق الصحيح.

ينظر: إجابة رقم: (13804).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android