أولاً:
أما أن أختكم قد تزوجت بدون رضاكم، فبغض النظر عن أسباب عدم الرضا، فهذا أمر قد مضى، وفات أوان الحديث فيه؛ فالواجب عليكم أن تطووا هذه الصفحة، وتتعاملوا مع الأمر الواقع، وتنظروا في حق أختكم عليكم، وواجبكم نحوها من الرعاية، والنظر في شأنها، وصونها والحفاظ عليها.
ثانياً:
أما منعكم -حال غيابكم-لدخول زوج أختكم إلى بيتكم لزيارة أمكم، التي هي محرم له على التأبيد فلا يحق لكم، لما فيه من القطيعة، وإدخال الغم على أختكم، بل وعلى أمكم، لما ترى من قطيعة زوج ابنتها، وربما ترتب عليه ذلك أن يمنع أختكم من الذهاب إلى أمها، أو يضيق عليها في ذلك.
والواجب عليكم أن تراعوا خاطر والدتكم، وتفعلوا كل ما يدخل السرور عليها، ويؤنسها في كبرها وضعفها. قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ الآية النساء/36.
وعن أبي هريرة. قال: قال رجل: يا رسول الله! من أحق بحسن الصحبة؟ قال (أمك. ثم أمك. ثم أمك. ثم أبوك. ثم أدناك أدناك) رواه مسلم (2548).
كما جاء الوعيد الشديد في حق من قطع الرحم.
قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ محمد/ 22-23.
وقال تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ البقرة/27.
وعن أَنَسٌ بن مالك: أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فليصل رحمه) رواه البخاري (5640) ومسلم (2557).
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) رواه ابن ماجه (4211) وصححه الالباني.
والمؤمن الحصيف يتجنب موارد سخط الله ويتتبع موارد مرضاته، ولو كان على حساب قناعاته وحظوظ نفسه، فاسمحوا له إرضاء لأمكم وصلة لأختكم، وستجدون الخير.
والله أعلم.