أولا:
فاقد الطهورين هو من عدم الماء والتراب، أو لم يمكنه استعمال الماء والتراب، لقروح لا يستطيع معها مس البشرة بماء ولا تراب، أو لجراحات لا يمكن مسها، أو عجز عن الماء والتراب أو عمن يطهره بأحدهما.
وقد اختلف الفقهاء في صلاته، فمنهم من قال: تسقط عنه الصلاة، فلا يجب عليه أداؤها في الوقت، ولا قضاؤها في المستقبل إذا وجد الماء أو التراب، وهو مذهب المالكية.
وذهب الحنفية إلى أنه يجب عليه أن يتشبه بالمصلين، احتراما للوقت، فيركع ويسجد إن وجد مكانا يابسا، وإلا فيومئ قائما، ويعيد الصلاة بعد ذلك، وصرحوا بأنه لا يقرأ، سواء كان حدثه أصغر أم أكبر، قال ابن عابدين: وظاهره أنه لا ينوي أيضا، لأنه تشبه بالمصلي، وليس بصلاة.
وقال الشافعية: إنه يصلي ويعيد.
وقال الحنابلة: يصلي ولا يعيد.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (32/ 192).
ثانيا:
إذا صلى فاقد الطهورين وأحدث في صلاته، بطلت صلاته، كما صرح الشافعية والحنابلة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/ 279): " قال أصحابنا ولو أحدث في هذه الصلاة أو تكلم بطلت بلا خلاف" انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 171): "(وتبطل صلاته) أي: صلاة المصلي على حسب حاله (بالحدث فيها) وبطروء نجاسة لا يعفى عنها؛ لأن ذلك ينافي الصلاة، فاقتضى وجوده بطلانها على أي حالة كانت، ثم يستأنفها على حسب حاله" انتهى.
على أن الذي قلناه هنا: إنما هو في بيان من هو "فاقد الطهورين"، وما يلزمه عند الفقهاء.
وأما الحال التي قد تظن أنك فيها "فاقد الطهورين": فقد لا تكون كذلك في حقيقة الأمر، فإن هذه الحالة، وإن كانت متصورة، وواقعة أيضا، كما لو كان في مريضا في غرفة العناية، لا يمكنه الوضوء، ولا يسمح له باستعمال التراب، ولو أن ييممه غيره، ونحو ذلك؛ فهي صور وحالات نادرة جدا، بالنسبة لعموم أحوال الناس، وقد تكون في حاجة لشرح حالتك لمن يفتيك، هل أنت ـ بالفعل ـ فاقد للطهورين، أم لا؟
والله أعلم.