190

هل تجوز الأضحية بحيوان (اللامة)؟

السؤال: 573045

حيوان اللامة من فصيلة الجمليات، فهل يجوز التضحية به؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

أولاً: تعريف حيوان اللامة:

اللامة (Lama glama) حيوان ثديي من فصيلة الجمليات، يعيش في جبال الأنديز بأمريكا الجنوبية. يُربى لأغراض النقل والصوف، ويشبه الجمل في الشكل، لكنه لا يحمل سنامًا. لم يكن معروفًا عند العرب القدماء، ولم يذكر في معاجم اللغة أو كتب الفقه.

وقد تم إلحاقه بفصيلة الجمليات سنة 1800م بينما كانت تُعد سابقا من فصيلة الأغنام، كما في بعض الموسوعات العلمية.

ثانياً:

لا يجزئ في الأضحية إلَّا بهيمة الأنعام؛ لقوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ ‌بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الحج/ 34.

وهي أزواجٌ ثمانيةٌ تصحُّ مِنَ الجنسين: لقوله تعالى:

 ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ ‌الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ...الآية الأنعام/ 143-144.

قال القرطبي رحمه الله:

‌والذي ‌يضحى ‌به، ‌بإجماع ‌المسلمين: ‌الأزواج ‌الثمانية؛ وهي الضأن والمعز والإبل والبقر. قال ابن المنذر: وقد حكي عن الحسن بن صالح أنه قال: يضحى ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبي عن رجل. وقال الإمام الشافعي: لو نزا ثور وحشي على بقرة إنسية، أو ثور إنسي على بقرة وحشية: لا يجوز شي من هذا أضحية تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (15/ 109).

وقال الماوردي رحمه الله:

"قال الشافعي: هم الأزواج الثمانية التي قال الله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ..) وقال تعالى: (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ..). يعني ذكراً وأنثى، فاختص هذه الأزواج الثمانية من النعم بثلاثة أحكام: أحدها: وجوب الزكاة فيها. والثاني: اختصاص الأضاحي بها. والثالث: إباحتها في الحرم والإحرام" انتهى من "الحاوي الكبير" (15/ 75 – 76).

وقال ابن عبد البر رحمه الله:

"قد أجمع العلماء أنه لا يجوز في العقيقة، إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية؛ إلا من شذّ ممن لا يعد خلافاً" انتهى من "الاستذكار" (5/ 321).

وقال النووي رحمه الله: "نقل جماعة إجماع العلماء: أن التضحية لا تصح إلا بالإبل، أو البقر، أو الغنم، فلا يجزئ شيء من الحيوان غيرُ ذلك" المجموع (8/ 394).

قال ابن القيم رحمه الله:

‌‌"فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في الهدايا والضحايا والعقيقة

وهي مختصَّةٌ بالأزواج الثَّمانية المذكورة في سورة الأنعام، ولم يُعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه هديٌ ولا أضحيَّةٌ ولا عقيقةٌ من غيرها، ‌وهذا ‌مأخوذٌ ‌من ‌القرآن من مجموع أربع آياتٍ:

إحداها: قوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ [المائدة: 1].

والثَّانية: قوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].

والثَّالثة: قوله تعالى: وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ [الأنعام: 142 - 143]، ثمَّ ذكرها.

والرَّابعة: قوله تعالى: مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ [المائدة: 95].

فدلَّ على أنَّ الذي يبلغ الكعبةَ من الهدي هو هذه الأزواج الثَّمانية، وهذا استنباط عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه " انتهى من "زاد المعاد" (2/377).

ثالثاً:

إذا تقرر ما سبق، فإنه لا يصح التضحية بحيوان (اللاما)، ولو صنفها البيولوجيون المتأخرون على أنها من فصيلة الجمليات، فالتشابه البيولوجي لا يكفي لإلحاق الحيوان بغيره في الأحكام الشرعية، لأنّ العبرة في باب العبادات بالنص والتوقيف، لا بالقياس أو المشابهة. وما لم يرد به نص، أو يكن ذلك داخلا في مفهوم العرب للأنعام؛ فلا يجزئ في الأضحية، لأنه ليس من "بهيمة الأنعام".

وقد أكد الفقهاء هذا المعنى، ونصوا على أنه لا عبرة بالتشابه البيولوجي حين قالوا بعدم إجزاء بقر الوحش، مع أنه والمستأنس من فصيلة واحدة.

كما أن (اللاما): ليست من الإبل المعروفة عند العرب، ولم يرد ذكرها في النصوص الشرعية، وبالتالي فلا تدخل تحت اسم "الإبل" الشرعي.

قال الكاساني رحمه الله:

ولا يجوز في الأضاحي شيء من ‌الوحش؛ لأن وجوبها عرف بالشرع، والشرع لم يرد بالإيجاب إلا في المستأنس انتهى من بدائع الصنائع (5/ 69).

وقال زروق رحمه الله:

شرط الضحية: أن تكون من خالص الأنعام والغنم والبقر والإبل، ولا يضحي بوحشي انتهى من شرح زروق على متن الرسالة (1/ 569).

وقال الشربيني رحمه الله:

‌التضحية عبادة، تتعلق بالحيوان؛ فتختص بالنعم، كالزكاة، فلا يجزئ غيرُ النعم من بقر ‌الوحش وغيره، والظباء وغيرها انتهى من مغني المحتاج (6/ 125).

وقال ابن قدامة رحمه الله:

ولا تجوز ‌التضحية بها-بقر الوحش-، ولا تقتنى لنماء، ولا دَرّ؛ فأشبهت الظباء انتهى من الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 383).

وخلاصة القول:

أن الضحايا لا تكون إلا من بهيمة الأنعام المذكورة في سورة الأنعام (الإبل والبقر والغنم)، وهي الإنسية منها، المعروفة عند من نزل عليهم القرآن، وما سوى ذلك، لا يصح في الأضاحي، ولو كان في تصنيفه البيولوجي من فصائلها.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android