من كان منزله في جدة ثم سافر لقضاء إجازة أو لغرض عمل ونوى أنه إذا عاد من سفره إلى جدة سيعتمر بعد زمن، فإنه يحرم من جدة؛ لأن منزله دون المواقيت ورجوعه إلى جدة رجوع إلى بلده الاصلي.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ؛ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ) رواه البخاري (1524)، ومسلم (1181).
فإذا أردت أن تعتمر بعد عودتك إلى منزلك في جدة، فإنك تحرم من بيتك في جدة. ونيتك حالَ سفرك أنك ستعتمر إذا رجعت: لا تؤثر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الرجل الذي أهله في جدة، وأنشأ السفر لأجل زيارة أهله ، سواء اعتمر أم لم يعتمر، لكن يقول: سأعتمر إذا بقيت أسبوعاً، أو شهراً، أو ما أشبه ذلك ؛ فهذا لا يجب عليه أن يحرم من الميقات .
كما أن الرجل من أهل مكة لو سافر من القصيم إلى مكة، يريد أهله، وهو يريد أن يحج هذا العام: فإننا لا نلزمه أن يحرم إذا مر بالميقات، لأن هذا الرجل ذاهب إلى أهله، وكذلك المسألة الأولى الذي ذهب إلى أهله في جدة" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/ 328).
وسئل رحمه الله:
"إنني أعمل في حفر الباطن ، ومقر سكن الأهل في منطقة جدة ، ولقد عقدت النية وأنا في حفر الباطن أن آخذ العمرة، وحينما ذهبت في الإجازة أحرمت من منزل الأهل وأخذت العمرة، هل ينبغي عليّ أن أحرم من ميقات الطائف، أم من المنزل، أفيدوني حفظكم الله؟
الشيخ: لكن هل نيتك عندما أتيت من حفر الباطن الذهاب إلى أهلك، أو نويت العمرة؟
السائل: الذهاب إلى أهلي وعمرة.
الشيخ: لكن أصل مجيئك في الإجازة؟
السائل: أصل مجيئي للأهل.
الشيخ: إذا كان أصل المجيء إلى الأهل، فاذهب إلى الأهل بدون إحرام، ومتى أردت أن تحرم أحرم من جدة.
وأما إذا كان ما جئت في هذا الوقت إلا للعمرة لابد تأتي الميقات.
السائل: أنا نويت في الأصل الزيارة للأهل، بعدها أحرم وأطلع عمرة.
الشيخ: نعم.
لأن هناك فرق بين الذي من أهل جدة وأتى يريد مسكنه، هذا نقول: إذا أردت العمرة أحرم من مكانك من جدة، أو إنسان -مثلاً- من أهل القصيم يريد أن يذهب إلى جدة وإلى مكة، هذا نقول: لابد أن تحرم من الميقات.
فأنت الآن، حسب ما فهمت من كلامك، أنك تريد أهلك بالقصد الأول، فنقول: اذهب إلى أهلك، وإذا أردت الإحرام أحرم من مكانك" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (108/ 20 بترقيم الشاملة).
والله أعلم.