عبارة "لا يدري وين الله حاطه" أو " مو عرفان وين الله حاطه ".
يستخدمها العامة بمعنى أنّ هذا الشخص في غفلة أو غير مستوعب للأمور على حقيقتها، أو أنه تائه في الأمر، سواء كان دينياً أو دنيوياً، فتقال في حقه في موقف يُظهر ضعف الإدراك. أي لا يعرف موضعه الذي وضعه الله فيه. فهي وصف لحال العبد.
وما يتلفظ به الناس يحمل على مرادهم، ما لم يكن في العبارة محذور شرعي، ولا تحمل على معانٍ لم يريدوها.
جاء في موسوعة القواعد الفقهية: "المتكلّم، والمتلفّظ بالألفاظ: له من وراء لفظه وكلامه مقاصد ونيّات يرجوها ويريدها، فلذلك فإنّ مقاصد اللفظ، وما يراد به: إنّما يعتدّ بها ويعتمد فيها على نيَّة المتكلّم.
وقد يكون ظاهر اللفظ غير مراد للمتكلّم فيعمل بنيَّته وقصده من لفظه" انتهى من "موسوعة القواعد الفقهية" (10/ 804).
ثم إن احتملت العبارة وجها من الصواب، وآخر من الخطأ: لم يجز حملها على الغلط المخالف للشريعة، والحكم على قائلها بمقتضاها، ما أمكن حملها على الصحة والسلامة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله في رده على الشاذلي:
"ونحن لا نحمل كلامَ رجلٍ على ما لا يسوغ، إذا وجدنا له مساغًا.
ولولا ما أوجبه الله نصيحةً للخلق، ببيان الحق: لمَا كان إلى بيان كلام هذا وأمثاله حاجة، ولكن كثيرٌ من الناس يأخذون الكلام الذي لا يعلمون ما اشتمل عليه من الباطل، فيقتدون بما فيه اعتقادًا وعملًا، ويَدعُون الناسَ إلى ذلك.
وقد يرى بعض المؤمنين ما في ذلك من الخطأ والضلال لكن يهاب ردَّه، إما خوفًا أن يكون حقًّا لا يجوز رَدُّه، وإما عجزًا عن الحجة والبيان، وإما خوفًا من المنتصرين له، فيجب نصح المسترشد، ومعونة المستنجد، ووعظ المتهوِّر والمتلدِّد، وبيان الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
فلهذا وغيره: نذكر ما تحتمله الكلمة من المعاني، لاحتمال أن يكون قصَدَ بها صاحبُها حقًّا، ما لم يتبين مرادُه، فإذا تبين مراده لم يكن بنا حاجة إلى توجيه الاحتمالات" انتهى، من "الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق" (1/ 239).
ولا يظهر لنا في العبارة محظور شرعي، من حيث هي، ولا من حيث معناها.
غاية ما فيها أنها تدل على جهل العبد وغفلته، إذ هو لا يدرك موضعه الذي جعله الله فيه .
لكن ينبغي أن ينتبه إلى أن إطلاق هذه العبارة على شخص قد تدخل في باب الغيبة المحرمة؛ لأنّ الإنسان يكره أن يوصف بها ولو كانت فيه.
ويرخص في مثل ذلك، في المواطن التي نص الفقهاء على الترخيص في الغيبة فيها.
والله أعلم.