أولا:
لا بد في العبادة من نية جازمة للدخول فيها لقوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) .
وقد ثبت اشتراط حصول النية في الصيام الواجب قبل الفجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ) رواه الترمذي (730) وقال:
"وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان، أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر؛ إذا لم ينوه من الليل، لم يجزه.
وأما صيام التطوع، فمباح له أن ينويه بعد ما أصبح، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق " انتهى كلام الترمذي.
فإذا لم تحصل النية الجازمة، كما في حالتك، قبل الفجر: فشروعك فيه مع عدم التبييت الجازم قبل الفجر لا يصح معه صوم القضاء؛ لأنه صوم واجب.
قال النووي رحمه الله:
" لا يصح صوم رمضان ولا القضاء ولا الكفارة ولا صوم فدية الحج، وغيرها من الصوم الواجب، بنية من النهار؛ بلا خلاف" انتهى من "المجموع" (6/ 289).
أما تعليق الصوم الواجب على نية مترددة بين الشروع فيها وعدمه أو بين إتمامها وقطعها فلا تصح؛ لأنّ النية عزم جازم، ومع التردد لا يحصل الجزم.
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله:
" ويجب في الصوم نية جازمة معيِّنة ، كالصلاة ، ولخبر : (إنما الأعمال بالنيات) ...
وجميع ذلك يجب قبل الفجر في الفرض، ولو نذرا أو قضاء أو كفارة" انتهى من "أسنى المطالب" (1/411).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو قال من يباح له الفطر ليلة الواحد من رمضان: أنا غدا يمكن أن أصوم، ويمكن ألا أصوم، ثم عزم على الصوم بعد طلوع الفجر، لم يصح صومه لتردده في النية" انتهى من "الشرح الممتع" (6/362).
ثانياً:
ما حصل منك من عدم الجزم بالنية قبل الفجر، وتعليق الأمر بأن تقرري بعد السحور ولم يحصل حتى طلع الفجر: فإن صيامك ذلك اليوم حصل نفلا، وعليك قضاء اليوم الذي عليك من رمضان؛ وذلك أنّ صيام النفل يصح عقده من النهار لمن لم يأكل حتى ذلك الوقت، بخلاف الصيام الواجب والمعين.
وينظر الفتوى: (218362).
والله أعلم.