يعرف الطهر من الحيض بإحدى علامتين:
الأولى: نزول القصة البيضاء، وهي ماء أبيض، أو رطوبة بيضاء نقية، تُشبه الجير أو الجص.
الثانية: حصول الجفاف التام، بحيث لو وضعت في المحل قطنة ونحوها، خرجت نظيفة، ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة.
قال الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 119) " والمعتاد في الطهر أمران:
القصة البيضاء: وهي ماء أبيض، وروى علي بن زياد عن مالك: أنه شبه المني. وروى ابن القاسم عن مالك: أنه شبه البول.
والأمر الثاني: الجُفوف، وهو أن تدخل المرأة القطن أو الخرقة في قُبُلها، فيخرج ذلك جافا، ليس عليه شيء من دم.
وعادة النساء تختلف في ذلك؛ فمنهن من عادتها أن ترى القصة البيضاء، ومنهن من عادتها أن ترى الجفاف، فمن كانت من عادتها أن ترى أحد الأمرين، فرأته؛ حكم بطهرها " انتهى.
وقال الكاساني رحمه الله في "بدائع الصنائع" (1/ 39): "وروي أن النساء كن يبعثن بالكرسف إلى عائشة - رضي الله عنها - فكانت تقول: لا حتى ترين القصة البيضاء، أي: البياض الخالص كالجص" انتهى.
وقال النووي في "شرح مسلم" (4/ 22) : " وحاصله: أن علامة انقطاع الحيض، والحُصول في الطهر: أن ينقطع خروج الدم، والصُّفرة والكدرة.
وسواء خرجت رطوبة بيضاء، أم لم يخرج شيء أصلا...
و(الْقَصَّة)- بِفَتْحِ الْقَاف وَتَشْدِيد الصَّاد الْمُهْمَلَة- وَهِيَ الْجَصّ؛ شُبِّهَتْ الرُّطُوبَة النَّقِيَّة الصَّافِيَة بِالْجَصِّ " انتهى .
ومنه يعلم أن القصة بياض نقيٌّ، لا يخالطه صفرة.
وكثير من النساء لا يرين القصة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (1/498): "علامةُ الطُّهر معروفةٌ عند النِّساء، وهو سائلٌ أبيضُ يخرج إِذا توقَّفَ الحيضُ.
وبعض النِّساء لا يكون عندها هذا السَّائل، فتبقى إِلى الحيضة الثَّانية دون أن ترى هذا السَّائل. فعلامةُ طُهْرِها: أنَّها إِذا احتشت بقطنة بيضاء، أي: أدخلتْهَا محلَّ الحيض، ثم أخرجَتْهَا ولم تتغيَّرْ، فهو علامةُ طهرها" انتهى.
ثانيا:
الظاهر أن الذي ترينه هو الصفرة، ولهذا لا تعجلي حتى تري النقاء التام، سواء رأيت القصة أم لا.
وقد روى مالك في "الموطأ" (130) عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدِّرَجَةِ، فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ؟
فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ.
ورواه البخاري معلقاً (كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره).
والدُّرْجة: هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها.
وينظر: "النهاية" لابن الأثير (2/246).
والكرسف: القطن.
فاصبري حتى تخرج القطنة بيضاء، لا شيء فيها، وهذا هو الجفاف التام. أو حتى تنزل القصة بيضاء نقية، تشبيه الجير الذي تجصص به الحيطان.
والله أعلم.