هل يجوز زيادة أجرة السيارة مقابل اعفاء المستأجر من الإصلاح إذا تسبب بحادث؟

السؤال: 568642

أنا أعمل في شركة لتأجير السيارات، ونقوم بإعطاء ميزة للمستأجر، وهي:
الطريقة الأولى:
في حال تضررت السيارة بحادث والمستأجر هو المتسبب فيه يترتب عليه 3500 ريال بحد أقصى، ولا يتحمل أكثر من ذلك، حتى ولو كانت الأضرار تكلف أكثر، ونحن نتحمل المتبقي من التكاليف.
الطريقة الثانية:
إذا أراد المستأجر أن لا يتحمل شيئا حتى ولو هو المخطئ، يزيد على سعر السيارة 20 ريالا في اليوم، ولا يكون عليه شيء بشرط أن يطلب ذلك في حين إبرام العقد، ولا يتم إرجاع المبلغ الزائد في حالة عدم حدوث الحادث.
مثال:
سعر السيارة في اليوم بالطريقة الأولى 100 ريال، سعر السيارة في اليوم بالطريقة الثانية: 100+20 ‏ = 120ريال.
فهل هذه المعاملة صحيحة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

الأصل أن المستأجر إذا ارتكب حادثا، وكان هو المخطئ: فإنه يلزمه إصلاح ما تضرر من السيارة، وأرشُ نقص قيمة السيارة، وهو فرق السعر بين السيارة حال كونها سليمة، وحال كونها قد أصيبت بحادث.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ليست المسألة مسألة قطع الغيار، بل قطع غيار، وما حصل على السيارة من النقص بسبب الصدمة، وهذا أمر ربما لا يتفطن له كثير من الناس، وكل أحد يعرف الفرق بين قيمة السيارة المصدومة ولو كانت قد صُلحت، وبين قيمتها غير مصدومة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2).

فإن التزمت شركة التأجير بأنها تتحمل ما زاد على 3500 ريال، فلا حرج في ذلك، والأصل في الشروط الصحة.

قال البخاري في صحيحه: " وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه" انتهى من "صحيح البخاري"، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.

وعليه؛ فلا حرج في الطريقة الأولى.

ثانيا:

لا حرج في رفع سعر الأجرة مقابل أن المستأجر يستأجر السيارة ويعفى من الإصلاح إذا تسبب في حادث.

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " ما حكم رفع سعر السلعة لزيادة مدة الضمان؟

فأجاب: " لا بأس به إذا كان عن تراض ... . أما بيع كروت الضمان مستقلة فلا يجوز، والله أعلم " وينظر سؤال رقم: (6249).

والفرق بين زيادة ثمن السلعة مقابل زيادة الضمان، وبين شراء الضمان المستقل، أن الضمان في الحالة الأولى تابع لعقد البيع، والزيادة هنا تابعة للعقد، والقاعدة أنه يغتفر في التوابع مالا يغتفر في غيرها.

ولهذا قرر أهل العلم أن الغرر الممنوع هو ما كان في المعقود عليه أصالة، لا في التابع.

جاء في "المعايير الشرعية": " إذا كان الغرر في المعقود عليه أصالةً مثل بيع الثمر قبل بدوّ (ظهور) صلاحه دون بيع الأصل (أي الشجر)، ودون شرط القطع.

أما إذا كان الغرر في التابع للمعقود عليه أصالة: فلا يؤثر، مثل بيع الشجر مع الثمر قبل بدو صلاحه، أو بيع ما لم يوجد من الزرع مع ما وجد منه، أو بيع الحمل مع الشاة، أو بيع اللبن الذي في الضرع مع الشاة " انتهى من "معيار الغرر".

فيقال هنا: إن الزيادة وهي 20 ريال كل يوم، تابعة لعقد الإجارة، فلا حرج فيها، بخلاف ما لو كانت في عقد تأمين مستقل، كأن يقال: ادفع 20 ريالا كل يوم، مقابل إعفائك من الإصلاح إذا لزمك، فهذا محرم، وهو داخل في الغرر والميسر، وهو أن يغرم مالا قدره 20 ريالا كل يوم على احتمال أن يحصل حادث منه فيعفى عن التعويض، وحقيقة الميسر: غرم محقق، وغُنم محتمل.

قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91

قال البجيرمي الشافعي في "حاشيته على المنهج" (4/ 376): " (قوله: والميسر) هو القمار، وهو ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم وأن يغرم" انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (39/ 404): " وقال ابن حجر المكي: الميسر: القمار بأي نوع كان، وقال المحلِّي: صورة القمار المحرم: التردد بين أن يغنم وأن يغرم" انتهى.

والحاصل: جواز الطريقتين.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android