343

ما أفضل العبادات في الثلث الأخير من الليل؟

السؤال: 567966

إذا أتى الثلث الأخير من الليل، أيهما أفضل: قراءة القرآن في غير الصلاة أم الدعاء والاستغفار؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الثلث الأخير من الليل من الأوقات الفاضلة التي جعل الله فيها من الفضائل والبركات والخير ما لا يوجد في سائر أوقات اليوم. وقد جاء الحث فيه على الصلاة والدعاء والاستغفار، وامتدح الله الذين يقومون الليل. والمراد بالقيام: الصلاة، كما بينته النصوص.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه: أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ‌ثُلُثُ ‌اللَّيْلِ ‌الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ له رواه البخاري (1094).

والصلاة في نصف الليل الآخر، أو في ثلثه الأخير: هي هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، وذلك أنّ الصلاة يجتمع فيها قراءة القرآن والذكر والاستغفار والدعاء.

وقد كان النبي صلى الله عليه يحي هذا الوقت من الليل، ويحث عليه أصحابه، وكان يصلي صلاة طويلة، يقرأ القرآن فيطيل القراءة، ويستغفر، ويدعو.

فعن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: الدَّائِمُ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا ‌سمع ‌الصارخ" البخاري (6096).

وعن عبد الله بن عمرو قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ  رواه البخاري (3238).

وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ" رواه مسلم (772).

قال ابن بطال رحمه الله:

"وقول عائشة: (كان يقوم إذا ‌سمع ‌الصارخ) ، فهو في حدود ثلث الليل الآخر، ليتحرى وقت تنزل الله تعالى، ثم يرجع إلى الاضطجاع للراحة من نصب القيام، ولِما يستقبله من طول قيام صلاة الصبح" انتهى من "شرح صحيح البخاري - ابن بطال" (3/ 123).

وقد فسر قتادة رحمه الله الاستغفار بالأسحار بأنه الصلاة فيها. "تفسير الطبري" (5/ 274):

وقال ابن كثير رحمه الله:

(‌والمستغفرين ‌بالأسحار)، فإن كان الاستغفار في صلاة فهو أحسن" انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 418).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (158678)

ثانياً:

إذا لم يكن الشخص في صلاة في الثلث الأخير، لأي سبب من الأسباب: فالذي يظهر أن يجعل الغالب عليه الذكر والدعاء والاستغفار.

فقد مدح الله تعالى عباده المؤمنين، فقال: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  الذاريات/ 18.

وقال تعالى: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ ‌بِالْأَسْحَارِ آل عمران/17.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ رواه البخاري (1145) ، ومسلم (758).

وعن نافع أن ابن عمر " كان يحيي الليل صلاة، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فيقول: لا. فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم، قعد يستغفر ويدعو حتى يصبح " انتهى من "تفسير الطبري" (5/ 274).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (291824) ورقم (341927)

ولو خلط ذلك بتلاوة القرآن، وحسن به صوته، وجهر به: فهو عمل فاضل، لا شك في ذلك. ولعل في التنويع خيرا له، ودفعا للفتور والنعاس عنه؛ لا سيما وقراءة القرآن في جوف الليل، عبادة فاضلة، كما ثبت في السنة.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (45839)

وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم (21374)

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android