278

هل يشترط لقول (سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ) مئة مرة، أن يكون ذلك قبل الشروق؟

السؤال: 567825

هل إذا قلت سبحان الله وبحمده ١٠٠ مرة بعد الشروق أو في منتصف اليوم حطت عني خطاياي؟ أم يجب قولها قبل الشروق وقبل الغروب؟ وكذلك الأمر بالنسبة لذكر لا إله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؟

ملخص الجواب

الفضيلة المترتبة على التسبيح كل يوم مائة مرة، لا يشترط لإدراكها أن يكون ذلك قبل طلوع الشمس، ولا قبل غروبها؛ بل متى قالها في أية ساعة من ليل أو نهار، أدرك فضيلتها.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

ما ورد في ذكر "سبحان الله وبحمده" أن قوله مئة مرة تغفر به الخطايا، ولو كانت مثل زبد البحر: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، مطلقًا غير مقيد بزمن من اليوم، لا صباحا ولا مساء.

هكذا رواه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 209)، ومن طريقه رواه البخاري (6405)، ومسلم (2691)، والترمذي (3466) و (3468)، وابن ماجه (3812)، وغيرهم: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ بن عبد الرَّحمن، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ( مَنْ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، ‌حُطَّتْ ‌خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ).

وهذا خبر متفق على صحته.

وقد ورد هذا الذكر نفسه، من طريق آخر، وقيد فيه بالصباح والمساء، كما عند ابن حبان "الإحسان" (3 / 141)، فرواه: عن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَمْسَى مِائَةَ مَرَّةٍ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ ).

لكن سهيلا قد اختلف عليه في إسناد هذا الخبر ومتنه:

فهنا رواه عنه حماد بن سلمة، عن أبيه، كلفظ حديث مالك: ( غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ ).

وقد وافق حمادا إسماعيل بن زكريا في سياق إسناد هذا الخبر، لكن خالفه في فضل هذا الذكر فرواه بلفظ: ( لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ).

كما عند الإمام أحمد في "المسند" (14 / 429)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلِ، عن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِئَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ).

وروي بزيادة سمي في إسناده بين سهيل وأبي صالح، وبلفظ: ( لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ):

رواه الإمام مسلم (2692)، والترمذي (3469)، والنسائي في "السنن الكبرى" (10327) : عن عَبْد الْعَزِيزِ بْن الْمُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ).

وقال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ " انتهى.

وروي أيضا عن سهيل، عن سمي، عن أبي صالح، بزيادة لفظ: (العظيم) في صيغة الذكر.

رواه أبو داود (5091)، والنسائي في "السنن الكبرى" (10328)، وابن حبان "الإحسان" (860): عن روح بن القاسم، عن سُهَيل، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هُريرة، قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال حين يُصبِحُ: سبحانَ اللهِ العظيم وبحمْدِه، مئةَ مرةٍ، وإذا أمْسَى كذلك، لم يُوَافِ أحدٌ مِن الخلائقِ بمثل ما وافَى ).

والظاهر أن ذلك كله حديث واحد، فحديث مالك وحديث سهيل مخرجهما، ومدارهما واحد. وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وإذا ‌اتّحد ‌مَخْرج ‌الحديث ولا سيّما في أواخر الإسناد بعد الحمل على التّعدّد جدّا " انتهى. "فتح الباري" (13 / 108).

وسهيل وإن وثقه كثير من الأئمة، إلا أنه دون الإمام مالك، فالإمام مالك إمام في الحديث والإتقان، وأما سهيل ففيه كلام في ضبطه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" سهيل ‌بن أبي صالح السمان: … قال بن معين: هو مثل العلاء وليسا بحجة. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. ووثقه ناس " انتهى. "الكاشف" (1 / 471).

ثم إن سهيلا قد اختُلِف عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه، كما رأينا، وهذا كله يقوي ترجيح رواية الإمام مالك المتفق على صحتها، ولا اختلاف فيها، وأن إدراك فضل تكفير الذنوب بذكر ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ) يكفي فيه الإتيان بذلك مائة مرة في اليوم، من غير تقيد بصباح أو مساء.

قال الطيبي رحمه الله تعالى:

"قوله: في (يوم) مطلق، لم يُعلم في أي وقت من أوقاته، لا يقيد بشيء منها..، وظاهر الإطلاق يشعر بأنه يحصل هذا الأجر المذكور لمن قال ذلك مائة مرة في يومه، سواء قاله متوالية أو متفرقة في مجالس، أو بعضها أول النهار وبعضها آخره " انتهى من "شرح المشكاة" (6 / 1819).

وما ورد في حديث سهيل كما سبق عند الإمام مسلم في "الصحيح" من زيادة: ( حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي )، رغم ما فيها من مخالفة حديث مالك؛ إلا أننا لم نجد من الأئمة من تكلم فيها، أو تعقب مسلما لأجلها، وغاية ما في هذه الرواية أنه متعلق بفضل عمل صالح، قد ثبت أصل مشروعيته بحديث متفق عليه، وثبت الحث على الإتيان به صباحا ومساء بعمومات نصوص القرآن الكريم.

كما في قول الله تعالى:

( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) غافر/55.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" … قال بعض العلماء: إن هذه إشارة إلى أوقات الصلوات الخمس. لكن هل يتعيّن أن يكون التّسبيح في كل مكان بمعنى الصلاة؟ لا؛ ولهذا نرى أن قوله تعالى هنا: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) أشمل وأعمّ من إرادة الصلاة ... والصّواب ما قلنا: أن المراد بالتّسبيح هنا ما هو أعمّ من الصلوات...

الفائدة السّابعة: الأمر بالتّسبيح بحمد الله صباحا ومساء؛ لقوله: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ )، فإن كان المراد بذلك الصّلوات الخمس فالأَمر هنا للوجوب، وإن كان المراد به التَّسبيح الذي هو الذِّكر المعروف، فإن الأمر هنا للاستحباب " انتهى. "تفسير العثيمين: غافر" (ص386 – 390).

فالحاصل؛ أن من أتى بهذا الذكر في أي ساعة من اليوم: فيرجى له إدراك فضل تكفير الذنوب وإن كانت مثل زبد البحر، ولا يشترط له وقت صباح ولا مساء؛ وإن زاد المسلم فأتى بهذا الذكر صباحا ومساء، فهو أحسن، عملا برواية مسلم، وأحوط في بلوغ الأجر المرتب عليه: ( لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ).

ثانيا:

وكذا ذكر: ( لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).

لا يشترط له وقت من اليوم لقوله مائة مرة، فيقوله المسلم في أي وقت من الصباح أو المساء.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ) رواه البخاري (3293) ومسلم (2691).

لكن ورد فضل قوله صباحا ومساء عشر مرات.

كما في حديث أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ) رواه البخاري (6404) ومسلم (2693) واللفظ له.

ورواه الإمام أحمد في "المسند" (38 / 501 - 502) وابن حبان (5 / 369)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ بِهِنَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَتَاقَةِ أَرْبَعِ رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ دُبُرَ صَلَاتِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ ).

ولم يقيد هذا بوقت قبل الشروق.

وقد ورد تقييده بأن يقوله المصلي دبر صلاة الصبح قبل أن يتكلم، لكن الحديث في هذا ضعيف، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (555922).

الخلاصة:

أن الفضيلة المترتبة على التسبيح كل يوم مائة مرة: ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ )، لا يشترط لإدراكها أن يكون ذلك قبل طلوع الشمس، ولا قبل غروبها؛ بل متى قالها في أية ساعة من ليل أو نهار، أدرك فضيلتها، إن شاء الله؛ وإن كان الأحسن له ألا يخلي ذكره في الصباح والمساء منها.

ومثل ذلك يقال في ذكر: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android