أولاً:
الظاهر من سؤالك أنّ هذه اللقمة قد وصلت إلى حلقك في الوقت المباح فيه تناولها، ثم ثبتت فيه، فابتلاعها بعد دخول وقت الصوم لا يؤثر على صحة الصوم؛ لأنها لم ترد من الخارج، وإنما كانت في حكم الداخل.
وإنما يؤثر على صحة الصوم ما وصل إلى الحلق من الطعام والشراب من خارجه -أي ما قبل الحلق-. كما هو مذهب جماهير أهل العلم.
قال الكاساني رحمه الله:
"يكره للمرأة أن تذوق المرقة لتعرف طعمها لأنه يخاف وصول شيء منه إلى الحلق فتفطر" انتهى من "بدائع الصنائع" (2/106).
وقال القاضي البغدادي:
"الإفطار يحصل بكل ما يصل إلى الحلق، مما يقع به التغذي ومما لا يقع به، كالدرهم والحصاة" انتهى من "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 438).
وقال الأنصاري رحمه الله في حديثه عن مفسدات الصوم:
"دخول عين من الظاهر، وإن لم تؤكل عادة، كحصاة جوفاً له …، كما يبطل -الصوم- بالواصل إلى حلقه، وإن لم يصل إلى معدته" انتهى من "الغرر البهية " (2/213).
ثانياً:
من شرق بطعام أو غيره، واحتاج لشرب الماء لإزالة الشرقة أو الغصة: جاز له ذلك، وأفطر به، وعليه قضاء يوم آخر بدلاً عنه.
قال أبو زيد القيراوني رحمه الله:
"فيما يعذر به الصائم في الفطر، من المرض، أو من رمد، أو عطش، أو شرق، أو غيره....، ومن أصابه بعد العصر شرق، خاف منه على نفسه، فشرب له الماء: فعليه القضاء" انتهى من "النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات" (2/34).
وعليه: فتناولك الماء لتمرير اللقمة التي شرقت بها، فإن كان الماء قد تسرب إلى الداخل، وهو الغالب على مثل هذه الحالة حيث لا يمكن ضبط الماء بالحد الذي يمرر اللقمة، ثم يتم إخراجه.
فمن حيث جواز تناول الماء لئلا يلحق بك الضرر بما شرقت به، فجائز، ولا إثم عليك.
ولكن عليك قضاء ذلك اليوم، لأنك تناولت فيه مفطرا للضرورة. ومن كان هذا حاله جاز له تناول المفطر، ثم يقضي يوما بدلاً عن اليوم الذي حصل فيه ذلك.
والله أعلم.