أولا:
من كتب السلام في مجموعة للدردشة، كان رد السلام منهم فرض كفاية، سواء علموا المسلِّم، أو لا.
فإن قام به واحد حصل المقصود وسقط الوجوب عن الآخرين.
ومن سلَّم في محادثة فردية، وجب الرد عيناً على المسلَّم عليه.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (2/ 152): "(ورده فرض عين على) المسلَّم عليه (المنفرد) أي: الذي انفرد بالسلام عليه، بأن خصه المسلِّم بالسلام، وإن كان في جماعة، وفرض (كفاية على الجماعة) المسلَّم عليهم، فيسقط برد واحد منهم (فورا) أي: يجب الرد فورا بحيث يعد جوابا للسلام، وإلا لم يكن ردا" انتهى.
وقال في (2/ 155): "(وإن سلم) على (من وراء جدار): وجبت الإجابة عند البلاغ، أو سلم (الغائب عن البلد برسالة، أو كتابة: وجبت الإجابة عند البلاغ" انتهى.
وقال النووي رحمه الله في "الأذكار" (ص 247) :"قال الإمام أبو سعد المتولي وغيره: إذا نادى إنسان إنسانا من خلف ستر أو حائط، فقال: السلام عليك يا فلان ، أو كتب كتابا فيه: السلام عليك يا فلان، أو السلام على فلان، أو أرسل رسولاً وقال: سلم على فلان، فبلَغه الكتابُ أو الرسول= وجب عليه أن يرد السلام. وكذا ذكر الواحدي وغيره أيضا أنه يجب على المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه السلام "انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :"إذا قال الكاتب في مقاله في الصحيفة أو المجلة، أو المؤلف في كتابه، أو المذيع في الإذاعة أو التلفاز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهل يلزم السامع له الرد عليه من باب أن رد السلام واجب؟
فأجاب : "رد السلام في مثل هذا من فروض الكفاية؛ لأنه يسلم على جم غفير، فيكفي أن يرد بعضهم، والأفضل أن يرد كل مسلم سمعه، لعموم الأدلة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز"(9/ 396).
ثانيا:
ينبغي أن يعلم أنه لا يُشترط كتابة رد السلام، بل يكفي أن يتلفظ به الإنسان فور قراءة السلام، فيكون قد أتى بالواجب الكفائي أو العيني.
سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله: " هل يلزم رد جواب الكتاب، ولو بلغ السلام في كتاب، هل يلزم التلفظ برده على الكاتب والرسول؟ وما فائدة التلفظ مع غِيبة الكاتب والرسول؟ ابسطوا الجواب.
فأجاب نفع الله سبحانه وتعالى بعلومه المسلمين بقوله: يسن السلام على الغائب، إما برسوله، وإما بكتابه، ويلزم الرسولَ، إذا رضي بتحمله، بالإبلاغ.
وأما المرسَل إليه: فلزمه الرد فورا.
ثم إن كان السلام عليه بالإرسال، لزمه الرد باللفظ، وإن كان بالكتابة لزمه الرد بها، أو باللفظ.
ويندب الرد على الرسول أيضا، وتقديمه فيقول: وعليك وعليه السلام...
وفائدة وجوب الرد باللفظ، مع غيبة المسلِّم: أن في وجوب الرد حقين: حقًّا لله سبحانه وتعالى، وحقًّا للآدمي، فلو فرض سقوط حق الآدمي لغيبته، لم يسقط حق الله سبحانه وتعالى؛ إذ لا مقتضى لإسقاطه.
وأيضا إذا وقع الرد في حضرة الرسول باللفظ، بلغه لمرسله، فهذه فائدة ظاهرة.
وأما وجوب الرد بالكتابة: فحكمته ظاهرة؛ لأن الكتاب إذا وصل للمسلم، كان بمنزلة الرد عليه حينئذ، والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/ 246).
وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: " لو ورد السلام عليك بكتاب ... فإن كان كتابُهُ لا يحتاج إلى رد؛ فأرجو أن يكون الرد باللسان، فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن كان لا يسمع، لكنك تدعو له بالسلامة من كل آفة". انتهى، من "اللقاء الشهري" (47/ 6 بترقيم الشاملة آليا).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (258741)، ورقم: (128737).
فإذا جاءك السلام ولو في محادثة فردية، وجب الرد تلفظا، أو كتابة، والأولى أن يكون كتابة لا سيما إذا كان المسلم يقع في نفسه شيء من عدم رؤية الرد.
وينظر للفائدة: فتوى الدكتور خالد المصلح في ذلك.
والله أعلم.