هل الأفضل لصاحب السلس الخفيف التداوي أم الصبر؟

السؤال: 560573

شخص مصاب بسلس بول خفيف، فهل الأفضل له أن يتعالج، أم إن الأفضل له ترك التداوي، والصبر على هذا البلاء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

التداوي مستحب غير واجب، في قول جمهور أهل العلم.

ومنهم من أوجبه إذا تُيقن نفعه، وكان تركه يفضي إلى تلف النفس أو أحد الأعضاء أو العجز، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وأما التداوي فليس بواجب عند جماهير الأئمة، وإنما أوجبه طائفة قليلة، كما قاله بعض أصحاب الشافعي وأحمد.

بل قد تنازع العلماء: أيما أفضل: التداوي؟ أم الصبر؟ للحديث الصحيح حديث ابن عباس عن الجارية التي كانت تصرع، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها فقال: إن أحببت أن تصبري ولك الجنة وإن أحببت دعوت الله أن يشفيك فقالت: بل أصبر ولكني أتكشف فادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها ألا تتكشف.

ولأن خلقا من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون، بل فيهم من اختار المرض، كأبي بن كعب وأبي ذر، ومع هذا فلم ينكَر عليهم ترك التداوي" انتهى من "مجموع الفتاوى" (24/ 269).

وقال السفاريني رحمه الله في "غذاء الألباب" (1/ 457): " وقيل فعل التداوي أفضل من تركه، وبه قال بعض الشافعية. وذكر الإمام النووي في شرح مسلم أنه مذهب الشافعية وجمهور السلف وعامة الخلف، وقطع به ابن الجوزي من أئمتنا في المنهاج، والقاضي، وابن عقيل وغيرهم، واختاره الوزير ابن هبيرة في الإفصاح.

قال: ومذهب أبي حنيفة أنه مؤكد حتى يداني به الوجوب.

ومذهب مالك أنه يستوي فعله وتركه، فإنه قال: لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه " انتهى.

والذي يظهر أنه يتأكد استحباب التداوي من سلس البول؛ لأمور:

1-خروجا من خلاف من حكم بنقض الطهارة، إذا كان يمكن رفع السلس بالتداوي، وهو مذهب المالكية.

قال الخرشي في"شرح خليل" (1/ 153): "والمعنى: أن الشخص إذا كان به سلس مذي، وهو قادر على رفعه بتزوُّجٍ أو تَسَرٍّ أو تداوٍ أو صومٍ، فإنه ينتقض وضوؤه.

ومفهوم "قدر على رفعه": أنه لو لم يقدر على رفعه بما ذكر، لكان كغيره من الأسلاس في التفصيل المتقدم " انتهى.

قال العدوي في حاشيته عليه: " (قوله: إذا كان به سلس مذي): لا مفهوم له، ولو حذفه المصنف لكان أخصر وأشمل؛ إذ كل سلسٍ، من مذي أو ودي أو بول أو غائط أو ريح: له هذا الحكم" انتهى.

2-لتقع الصلاة على الوجه الأكمل، فإن صلاة صاحب السلس صلاة ضرورة، ولهذا لا يؤم غيره ممن هو معافى من السلس، عند جماعة من أهل العلم، وهو مذهب الحنفية والحنابلة.

قال في "كشاف القناع" (1/ 467): " (ولا) تصح الصلاة (خلف من به سلس من بول ونحوه) كنَجْوٍ وريحٍ ورُعافٍ لا يَرقأ دمه، وجروح سيالة، إلا بمثله؛ لأن في صلاته خللا غيرَ مجبور ببدل، لكونه يصلي مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة، أشبهَ ما لو ائتم بمحدِث يعلم حدثه، وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة " انتهى.

وينظر: "الموسوعة الفقهية" (25/ 187).

3-ولتحصل الطمأنينة والفرح بالصلاة؛ فإن صاحب السلس قد تثقل عليه الصلاة، بسبب ما يجده من السلس.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android