حفظ
  • قائمة جديدة
المزيد
    حفظ
    • قائمة جديدة
19/محرم/1447 الموافق 14/يوليو/2025

لماذا قال الله تعالى: (نسقيكم مما في بطونها) ولم يقل: من ضروعها؟

السؤال: 559905

أريد أن استفسر عن الآيات الكريمة الخاصة بالأنعام التي قال الله تعالى فيها: (نسقيكم مما في بطونها)، ونحن نعلم أن مخرج اللبن يكون من الضرع، وليس البطن فكيف يكون ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قال الله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ) النحل/66.

وقال سبحانه: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) المؤمنون/21.

والآية واردة في سياق الامتنان بالنعمة، وبيان كمال القدرة، لأخذ العبرة، فناسب أن يذكر أصل اللبن، وأنه يخرج من طعام يجتمع في البطن، ثم يكون بعضه فرثا، وبعضه دما، وبعضه لبنا، وهذا أبين مما لو قيل: من الضرع، دون ذكر أصله واستخلاصه من بين الفرث والدم.

فموضع العبرة هنا: كونه يخرج من بين الفرث والدم، وليس مجرد الإنعام باللبن.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/581): " «وقوله: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا أي: يتخلص اللبن، بياضه وطعمه وحلاوته، ما بين فرث ودم في باطن الحيوان، ‌فيسري ‌كل ‌إلى ‌موطنه إذا نضج الغذاء في معدته، فيصرف منه دم إلى العروق، ولبن إلى الضرع، وبول إلى المثانة، وروث إلى المخرج، وكل منها لا يشوب الآخر، ولا يمازجه بعد انفصاله عنه، ولا يتغير به.

وقوله: لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ أي: لا يغصُّ به أحد» انتهى، من "تفسير ابن كثير - ط ابن الجوزي" (4/ 690) ".

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله في "السراج المنير" (2/242): " وإنّ لكم في الأنعام لعبرة أي: اعتباراً إذا تفكرتم فيها، وعرفتم كمال قدرتنا.

وإنما ذكّر لفظ الضمير؛ لأنه لفظ الأنعام مفرد وضع لإفادة الجمع، كالرهط والقوم، ولأمن اللبس، والدلالة على قوّة المعنى، لكونها سورة النعم، وأنثه في سورة (المؤمنون) للمعنى؛ فإنّ الأنعام اسم جمع، ولذلك عدّه سيبويه في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة الواردة على أفعال، كقولهم: ثوب أكياش- بياء تحتية وشين معجمة- ضرب من الثياب يغزل مرتين.

ومن قال: إنه جمع نَعَم، جعل الضمير للبعض؛ فإنّ اللبن لبعضها دون جميعها...

ولما كان في موضع العبرة تخليص اللبن من غيره، قدّم قوله تعالى: من بين فرث وهو الثفل الذي نزل إلى الكرش" انتهى.

وقال المراغي رحمه الله في تفسيره (14/ 103): " فإن الله جلت قدرته جعل الحيوان يتغذى بما يأكل من نبات ولحوم ونحوهما، حتى إذا هضم المأكول، تحول بإذنه تعالى إلى عصارة نافعة للجسم، وفضلات تطرد إلى الخارج، ومن هذه العصارة يتكون الدم الذي يسرى في عروق الجسم لحفظ الحياة، وبعض هذا الدم يذهب إلى الغدد التي في الضرع، فتحولها إلى لبن، فكأنّ الصانع الحكيم جعلها مصنعا ومعملا لتحويل الدم إلى لبن" انتهى.

فالمقصود بيان أصل اللبن ومصدره، والاعتبار بذلك، لا بيان نهاية أمر تكونه وخروجه، فأصل اللبن دم خلص من فرث، وأصل الجميع طعام اجتمع في البطن، فميز الله هذا عن هذا، بكمال علمه وقدرته.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

خيارات تنسيق النص

خط النص

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android