أولاً:
الكبير في السن الذي يصوم بمشقة زائدة عن سائر الناس يجوز له الفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا.
لقولُه تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ البقرة/ 184.
قال ابنُ عبَّاسٍ: "ليسَتْ بمنسوخةٍ، هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعِمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مِسكينًا" رواه البخاري (4505).
قال ابن قدامة : "وروى ذلك عن ابن عمر، ولا مخالف لهما في الصحابة" انتهى . "المغني" (4/ 394).
قال النووي رحمه الله:
" الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، أي يلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يرجى برؤه لا صوم عليهما بلا خلاف ، ونقل ابن المنذر الإجماع فيه" انتهى من المجموع" (6/262).
ثانياً:
الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم في زمن دون زمن: يصوم في الزمن الذي لا يشق عليه الصوم، ويفطر في زمن المشقة، ثم يقضي ما أفطره في الزمن الذي لا يشق عليه؛ وذلك أنّ الرخصة للكبير بالفطر والإطعام بدلاً من الصوم، إنما هي لما يحصل له من المشقة المستمرة الدائمة؛ لأنّ الهرم داء لا يُشفى.
قال الطحاوي رحمه الله:
"كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد رَحِمهم الله يَقُولُونَ فِي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَاجِز عَنِ الصَّوْم، لَا يُرْجَى لَهُ عَلَيْهِ قُوَّة فِي المستأنف: أَنَّهُ يطعم عَنْ كل يَوْم مِسْكينا نصف صَاع" انتهى من "أحكام القرآن" (1/ 423).
وقال الحطاب رحمه الله:
"المراد بالهرم الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الصوم بوجه من الوجوه، وأما الذي يقدر عليه في زمن دون زمن، فيؤخر للزمن الذي يقدر فيه على الصوم، ولا قائل في المذهب بأنه يطعم" انتهى من "مواهب الجليل" (2/ 414).
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"وأوجب الإطعام بدلا عن الصيام.
وهذا محمول على من لا يرجو إمكان القضاء، فإن رجا ذلك، فلا فدية عليه، والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه، لقوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر.
وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء" انتهى من "المغني" (4/ 396).
والحاصل:
أن الكبير في السن إذا كان لا يستطيع الصيام مطلقا ، فإن عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا ، وإن كان يستطيع الصيام في أيام الشتاء أفطر رمضان وقضاه في الشتاء ، مفرقا أو متتابعا ، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يطعم .
والله أعلم .