إذا طهرت من الحيض وتعذر عليها الاغتسال لكونها في رحلة فهل تتيمم؟

السؤال: 557856

سوف أذهب في رحلة، وسوف يوافق موعد هذه الرحلة الموعد الذي أتوقعه لانتهاء دورتي الشهرية، وسوف أظل في هذه الرحلة يوما كاملا خارج المنزل، فكيف أتحقق من طهري وأنا خارج المنزل، حيث إنني أطهر بالجفوف؟ وحتى وإن علمت أني طهرت، فكيف أغتسل، وأنا يوم كامل خارج المنزل؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

التحقق من الطهر يكون بوضع قطنة ونحوها، فإن خرجت نظيفة ليس عليها دم أو صفرة أو كدرة، فقد طهرت، وهذا يمكن عمله في دورة  المياه خارج المنزل، سواء كنت في رحلة أو في عمل أو غيرها.

ثانيا:

يمكن الاغتسال من الحيض في دورات المياه العامة، ولو لم يكن فيها (دش) للاستحمام، وذلك باستعمال زجاجة ونحوها.

وقد أوجب الفقهاء شراء الماء للطهارة إن عدم الماء.

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 165): "(يلزمه) أي: عادم الماء إذا وجبت عليه الطهارة (شراء الماء) الذي يحتاجه لها (بثمن مثله في تلك البقعة أو مثلها) أي: مثل تلك البقعة (غالبا) ؛ لأنه قادر على استعماله من غير ضرر" انتهى.

ثالثا:

إذا كانت الرحلة على مسافة قصر، وهي 80 كيلو تقريبا، فلك جمع الظهر مع العصر، وجمع المغرب مع العشاء.

فلو طهرت في الظهر فلك تأخير الغسل إلى وقت العصر، ثم تغتسلين وتجمعين الصلاتين جمع تأخير.

وإذا كانت الرحلة على مسافة أقل من ذلك، فلست مسافرة، لكن لك الجمع لرفع الحرج والمشقة-لو كان الجمع أيسر لك-؛لما روى مسلم (705) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ . قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ . أي لا يدخل عليهم الحرج والمشقة .

رابعا:

إذا تحققت من الطهر وتعذر الاغتسال ولو في وقت الصلاة الثانية، فإنك تتيممين وتصلين، ثم إذا تمكنت من الغسل بادرت إليه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فقه الحيض والاستحاضة والنفاس" ص54 :
"وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة ، وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك الصلاة في وقتها، فإن كانت في سفر وليس عندها ماء، أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله، أو كانت مريضة يضرها الماء، فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل " انتهى.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "إذا تناوم الإنسان في منى ووجب عليه الماء للغسل، إلا أنه لكثرة الحاج يقل الماء فماذا يفعل بدل الماء؟ وكيف إذا أراد أن يصلي وهو جنب؟ وهل يكفي أن يتطهر بالتراب؟ أرجو توضيح هذه المسألة؛ لأن كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا؟
فأجاب رحمه الله: "إذا احتلم الإنسان في مزدلفة، أو في أي مكان فيه: الناس مع الناس : ... يطلب الماء ولو بالشراء، في أي مكان يستطيعه، في أطراف منى في أي جهة، أو يجد محلا يغتسل فيه من دون شيء: يلزمه ذلك، فإذا لم يتيسر له؛ لا بالثمن ولا بالتبرع، ما وجد مكانا للغسل: فإنه يتيمم بالتراب، ويصلي؛ يضرب بيده التراب، ويمسح بهما وجهه وكفيه، بنية الجنابة، وبنية الحدث الأصغر، يعني ينوي بالتيمم جميع الحدثين؛ الحدث الأصغر الذي يوجب الوضوء، والحدث الأكبر الذي يوجب غسل الجنابة، ينويهما جميعا، ويكفيه ذلك، ويصلي، وصلاته صحيحة. والحمد لله، فاتقوا الله ما استطعتم ، والله يقول) : فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)، ولكن عليه أن يجتهد، لا يتساهل، يجتهد ويسأل، إن وجد ماء ولو بالشراء بأخذ الماء بسطل ونحوه، ويبتعد عن الناس بعض الشيء، أو يلتمس خيمة إذا كان هناك خيمة ليس فيها أحد، أو في محل بعيد عن أنظار الناس ويغتسل "انتهى باختصار من "فتاوى نور على الدرب" ( 5/ 276).

وسئل الشيخ سليمان الماجد حفظه الله: "إذا كنت على الطريق في سفر، أو في اجتماع هام (كالعيد مثلاً)، أو حصلت عندنا في منزلنا مناسبة كوليمة أو مجيء ضيف، في هذا الوقت طهرت من الحيض، فكيف أغتسل؟ وهل أؤجل الاغتسال أم أصلي على غير طهارة أم ماذا أفعل؟ لأني في هذا الوقت لا أستطيع أن أغتسل: إما أن أقدم الاغتسال أو أؤخره؟

فأجاب:

"إذا طهرت المرأة من حيضها في وقت صلاة وجب عليها المبادرة إلى الاغتسال لأداء الصلاة في وقتها، ولا يجوز لها تأخيرها عنه؛ فإنه من الكبائر ، كما لا يجوز لها التيمم إلا لحرج ظاهر.

وإذا وُجد هذا الحرج الظاهر فلها الجمع بين الصلاتين تأخيرا أو تقديما ، أو تأخير الاغتسال بما يدفع الحرج .

وقد ذكر الفقهاء أن الحرج المسقط للتكليف أو المخفف منه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، وليس له ضابط محدد ينتظم جميع ذلك ، وإنما يرجع تقديره إلى المكلف نفسه" انتهى

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (180394).

وفي بيان صفة التيمم ينظر: جواب السؤال رقم: (21074).

وبكل حال؛ فإذا أمكنك أن تؤخري الرحلة إلى وقت آخر، سوى هذا الذي تتوقعين لانقضاء حيضتك، فتتطهرين في بيتك طهارة تامة، بلا حرج، ولا تضييق على نفسك؛ فلا شك أن هذا هو الأولى بك، والأبرأ لذمتك، وأتم لدينك وعملك؛ لا سيما إن كانت مجرد "رحلة"، يعني: ليست لحاجة معتبرة من حوائج الدين والدنيا، وإنما هي للنزهة.

والحاصل:

أن الأصل وجوب الغسل، وأنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها أو ما تجمع معه، وأنه إذا تعذر الغسل وجب التيمم.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android