أجمع العلماء على أن النائم تجب عليه الصلاة إذا استيقظ من نومه.
لكنهم اختلفوا في الشخص المستيقظ، هل يجب عليه أن يوقظ النائم ليدرك الصلاة؟ أم يستحب ولا يجب؟
وقد سبق بيان اختلافهم وشرحه في إجابة السؤال: (543043).
ولا يختلف العلماء أن إيقاظ النائم مطلوب مشروع، إما واجب على المستيقظ، أو مستحب له، لا سيما إذا لم يترتب على إيقاظه ضرر ولا مفسدة، كأن يحمله الغضب على انتهار من يوقظه، أو نحو ذلك. والغالب في حال الوالدين في إيقاظ أبنائهم للصلاة: ألا يترتب عليه مفسدة.
وعلى ذلك: فلا يصح أن يقول أحد: الأفضل عدم إيقاظ النائم للصلاة، فإن الخير والأفضل دائما في إيقاظه، فهو مستحب على أقل تقدير.
وليس في إيقاظ ابنك لصلاة الفجر إلا خير إن شاء الله، وإعانة له على التقوى، لا سيما مع حرصه على أداء الصلوات في المسجد، فينبغي الحرص على تأكيد ذلك، وإعانته عليه، وإيجاد حلول لمشكلة ثقل نومه ومناقشتها معه، ولو من باب التربية والإعانة له على الإحسان، وحتى تستقر وترسخ في نفسه أهمية الصلاة في المسجد وصلاة الجماعة، وينضبط على اعتياد الاستيقاظ للصلوات، وأن الصلاة هي خير موضوع، وهي ركن الإسلام الأعظم، ووصية النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته.
وبذلك ينشأ الولد على أن حاجته إلى رعاية هذه الأمور؛ فوق حاجته إلى رعاية الامتحان الدراسي، وغيره من أمور الدنيا، بل ينشأ على عدم المقارنة بين أعمال الآخرة، وأعمال الدنيا.
فأقل ما في إيقاظه للصلاة: تربيته على هذه المعاني من الإيمان، وإعانته عليها.
وهذا كله إن قلنا إن المستقيظ يستحب له إيقاظ النائم فقط، ولا يجب عليه، مع أن وجوب إيقاظه هو قول قوي معتبر، وذهب إليه طائفة كبيرة من العلماء.
وأما اعتماد الولد عليك، أو على غيره ليوقظه للصلاة، فليس في هذا حرج، بل هو من التعاون على التقوى كما مرَّ، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كلَّف بلال بن رباحٍ رضي الله عنه بإيقاظه لصلاة الفجر هو ومن كان معه من الصحابة، كما روى أحمد (16746) والنسائي (624) - وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح النسائي -، عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال: (من يكلؤنا الليلة، لا نرقد عن صلاة الفجر)؟ فقال بلالٌ: أنا، فاستقبل مطلع الشمس، فضرب على آذانهم، فما أيقظهم إلا حر الشمس، فقاموا فأدوها، ثم توضئوا فأذن بلال، فصلوا الركعتين، ثم صلوا الفجر.
قال السندي: "قوله (من يكلؤنا) ... أي: يحفظ لنا وقتَ الصبح"، كما في حاشيته على "سنن النسائي" (1/ 298)، باختصار.
وروى الحديث أبو داود (447) عن ابن مسعود وهو ممن حضر الواقعة رضي الله عنه، وبيّن في روايته أن ذلك كان في عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة الحدييبة، وهذا مظنة الخشية من فوات وقت الصلاة بسبب مشقة السفر، مضافًا إليها مشقة الحرب.
ولا نظن أن الوالد يترك ولده، إذا كان ثقيل النوم، فلا يوقظه لامتحانه؛ بحجة أنه كبير، ويجب أن يعتمد على نفسه!! فهكذا، فليكن أمر الصلاة، وأولى.
والمقصود: أن اعتماد ولدك عليك أو لغيره في الاستيقاظ للصلاة، ليس أمرًا مذمومًا، لا سيما إن خشيَ ألا يقوم بسبب مشقة أو صعوبة استيقاظه لثقل نومه، وإن كان من الخير أن يدرب نفسه على الاستيقاظ بنفسه إن استطاع.
والله أعلم.