اختلف العلماء في القدر الواجب في المسح على الخفين أو الجوربين.
وسبب ذلك: أنّ المسح ورد مطلقًا، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير واجبه شيء صريح.
وهذه أقوال المذاهب في القدر الواجب في المسح.
الأحناف: إن مسح خفه بأصبع أو أصبعين لم يجزه، وإن مسح بثلاثة أصابع أجزأه.
قال السرخسي رحمه الله:
"وَإِنْ مَسَحَ خُفَّيْهِ بِإِصْبَعٍ أَوْ إصْبَعَيْنِ: لَمْ يُجْزِهِ، حَتَّى يَمْسَحَ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ" انتهى من "المبسوط" (1/ 100).
المالكية: يجب استيعاب أعلى الخف بالمسح.
قال الباجي رحمه الله:
"وهل عليه استيعاب الممسوح من الخف بالمسح أم لا؟
الظاهر من المذهب: وجوب الاستيعاب". انتهى من في "المنتقى" (1/ 82):
الشافعية: يجزئ مقدار ما يقع عليه اسم المسح في محل الفرض، وهو أيضا: مذهب داود الظاهري، ورجحه ابن حزم.
قال الشافعي رحمه الله:
"وكيفما أتى بالمسح على ظهر القدم؛ بكل اليد أو ببعضه: أجزأه" انتهى من الأم (8/ 103)
وقال ابن حزم رحمه الله:
"وما مسح من ظاهرهما، بأصبع أو أكثر: أجزأ" انتهى من "المحلى" (1/ 343).
الحنابلة: يجب أن يمسح أكثر ظاهر الخف.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"والمجزئ في المسح أن يمسح أكثر مقدم ظاهره خططا بالأصابع...، لأن لفظ المسح ورد مطلقا، وفسره النبي -صلى الله عليه وسلم- بفعله، فيجب الرجوع إلى تفسيره. وقد روى الخلال، بإسناده، عن المغيرة بن شعبة، فذكر وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثم توضأ، ومسح على الخفين، فوضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ووضع يده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحةً واحدة، حتى كأني أنظر إلى أثر أصابعه على الخفين) انتهى من "المغني" (1/ 377).
وقال البهوتي رحمه الله:
" ويمسح أكثر ظاهر قدم الخف والجرموق والجورب. وسُن أن يمسح بأصابع يده من أصابعه، أصابع رجليه، إلى ساقه ، يمسح رجله اليمنى بيده اليمنى ، ورجله اليسرى بيده اليسرى" انتهى من "الروض المربع" (ص35).
والقول الأقرب إلى ظاهر السنة: أن يمسح أكثر ظاهر الخف أو الجورب؛ لأنه الظاهر في صفة المسح في حديث المغيرة في صفة مسح النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أخذ بقول أحد المذاهب مطمئنا لقوله فلا تثريب عليه، فالأمر كما سبق بيانه مما لم يرد فيه شيء صريح تسقط معه الأقوال الأخرى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"كيفية المسح: أن يمر يده من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي أن الذي يُمسح هو أعلى الخف، فيمر يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى، في نفس اللحظة، كما تمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة ابن شعبة: فمسح عليهما، ولم يقل: بدأ باليمنى، بل قال مسح عليهما" انتهى من "بحوث وفتاوى في المسح على الخفين" (ص38).
والله أعلم