أولا:
من أعطي مالا لغرض معين، كإجراء عملية جراحية لزمه إنفاق المال في هذا الغرض، ولم يجز له إنفاقه في غيره.
جاء في "أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله (2/ 479):
" (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ، هَذَا (إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ) بِالْعِمَامَةِ (وَتَنْظِيفَهُ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ؛ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ (فَلَا) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من "اللقاء الشهري" (4/ 9).
فإذا عدلت والدتك عن إجراء العملية، فكان عليها إرجاع المال إلا أن يأذن دافعوه.
فإن لم ترجع المال، ولم يتنازل عنه إخوتها، فهو دين عليها يلزم أداؤه من تركتها إن كان لها تركة.
فإن لم يكن لها تركة، لم يلزم ورثتها ذلك، لكن إن تبرعوا بالسداد، وإبراء ذمة المتوفى: كان حسنا.
قال الله تعالى في قسمة المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/201) " الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله: " (ويجب أن يسارع في قضاء دينه، وما فيه إبراء ذمته؛ من إخراج كفارة، وحج، ونذر، وغير ذلك)، كزكاة، ورد أمانة، وغصب، وعارية؛ لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه، عن أبي هريرة مرفوعاً: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) " انتهى.
فما دمتم تعلمون أن إخوتها قد أعطوها لأجل العملية، وأنه لم يصدر منهم خلال هذه المدة مسامحة في المال، فهو دين في ذمة والدتكم، وسكوت الإخوة عن المطالبة لا يسقط هذا الدين؛ لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم.
وينظر: جواب السؤال رقم: (223267)، ورقم: (249771).
والله أعلم.