يقول الله تبارك وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ، فأخبر تعالى عن نفسه أنه: خَيْرُ الْفَاصِلِينَ .
وذهب عدد من أهل العلم إلى عد (خير الفاصلين) في أسمائه تعالى، منهم: ابن منده، وقوام السنة الأصفهاني، وابن العربي المالكي، وابن الوزير.
قال قوام السنة رحمه الله في "الحجة في بيان المحجة" (1/ 151):
"ومن أسمائه: (خير الفاصلين)؛ الفاصِل: القاضي، يفصل بين الخلق ويقضي بينهم، وقد يكون في القضاة من يخطئ في الحكم، ومنهم من يقضي بالجور، والله تعالى خير الفاصلين، ينتقم للمظلوم من الظالمين، قال الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}، وهذا وعيد للظالم وتعزية للمظلوم، ولا أحد أظلم ممن ظلم الضعيف واليتيم والمسكين، ومن لا ناصر له غير الله، فليحذر الظالم، وليردَّ المظلمة، وليخَفْ دعوة المظلوم، فإنه ليس في الآخرة دينار ولا درهم، ولا دار ولا عقار، وإنما الحكم بالحسنات والسيئات، فمن ظلم أحدًا، أَخذ المظلوم منه حسناته، فإن لم يكن له حسنات، زيد من سيئات المظلوم على سيئاته، فليبادر الظالم إلى رد المظلمة في الدنيا قبل يوم القيامة، حيث لا يكون دينار ولا درهم"، انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يعدُّ الأسماء التي لم تأت إلا بصيغة التفضيل:
"(الفاصل): كذلك في قوله: {خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}"، انتهى مختصرًا من "المستدرك على مجموع الفتاوي" (1/ 48).
وأسماء الله تعالى توقيفية، ومعنى ذلك كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه: "يجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص"، انتهى من "القواعد المثلى" (13).
إلا أن العلماء قد اختلفوا في حد استنباط الاسم من الكتاب والسنة، ولا حرج في ذلك، فالعد اجتهادي، والمقصود هو التماس الأسماء الحسنى من الوحي توقيفًا.
وقد وقع في تتبع الأسماء الحسنى خلاف قديم، إذ ليس في الوحي نص صريح صحيح يعد الأسماء الحسنى ويحصرها، بل هي كثيرة غير محصورة في تسعة وتسعين، كما ذكر أهل العلم، وفي عدم عدها وحصرها بالنص فائدة الحث على التتبع والاستنباط من القرآن والسنة.
وينظر، لمزيد من الفائدة والتفصيل والنقول إجابة السؤال: (536898).
أما الفاصل هكذا مطلقاً عن الإضافة، دون ذكر (خير الفاصلين): فلم يذكره أحداً من العلماء في الأسماء الحسنى، فلا يصح ذكره فيها.
والله أعلم