الواجب على الموظف وغيره: أداء الأمانة وتحري الصدق، فإذا كانت أجرته مرتبطة بزمن العمل، وقد أنجز العمل في ساعة مثلا، فلا يحل له أن يدعي أنه أنجز العمل في ساعة وربع؛ لما في ذلك من الكذب، وأكل المال بالباطل، إلا إن قضى هذا الوقت الزائد في مراجعة هذا العمل وتحسينه، بما يعود بالنفع على تجويد عمله، وتحصيل المقصود منه على وجهه الأكمل: فلا حرج حينئذ؛ لأنه صادق في كون العمل استغرق هذا الوقت. وأما إن جلس بلا عمل، أو راجع عملا آخر، فيكون كاذبا إن ادعى أن العمل استغرق منه هذا الوقت.
ومن ابتلي بشيء من ذلك فله طريقان:
الأول: أن يتحلل من جهة العمل؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ: فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ رواه البخاري (2269).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ رواه مسلم (4679).
الثاني: أن يرد المال لجهة العمل، ولو دون إخبارها، كأن يعمل ساعات لا يتقاضى أجرها، أو يشتري لجهة العمل ما تحتاجه، وإذا شك في قدر الساعات عمل بغلبة الظن مع الاحتياط، حتى تبرأ ذمته.
وإذا تواصلت مع جهة العمل ولم يأتك رد، فلا تبرأ ذمتك بهذا حتى يأتيك إبراء واضح، أو أن ترد المال كما سبق.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/154) : "الواجب على من وُكِلَ إليه عمل يتقاضى في مقابله راتباً: أن يؤدي العمل على الوجه المطلوب، فإن أَخَلَّ بذلك من غير عذر شرعي: لم يحل له ما يتقاضاه من الراتب؛ لأنه يأخذه في غير مقابل.
وعليه: يجب عليكم التوبة، وعدم العودة إلى ما ذكرت، والتزم الأمانة في أداء العمل الذي يوكل إليك، والتصدق فيما يقابل ما أخذت من راتب بدون عذر شرعي" انتهى .
والصدقة إنما تكون إذا كان يعمل لدى جهة حكومية، وتعذّر رد المال إليها، فيصرف المال في المصارف العامة التي تنفق فيها الدولة، كالفقراء والمساكين والمرضى ونحوهم.
أما جهات العمل الخاصة، فيجب رد المال إليها؛ ما دامت قائمة، يمكن الوصول إليها.
والله أعلم.