جعل الله مواقيت للصلاة لا بد من تأديتها فيها قال الله تعالى:إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً، وقد وقّت النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة مواقيت، وأمر أن تُؤدى فيها حتى في حال الجهاد.
وجاء الوعيد على من أخرها عن وقتها من غير عذر شرعي، فشأن الصلاة عظيم، والتهاون بأدائها في وقتها كبيرة من الكبائر. وقد سبق بيان هذا في فتوى سابقة فيحسن الرجوع إليها: (39818).
ثانياً:
الجمع بين الصلاتين لا يجوز إلا لعذر، كالسفر والمطر، أو بحصول المشقة الزائدة التي لا يتيسر معها أداء الصلاة في وقتها، وهذا لا يكون هديا دائما؛ بل إنما يكون في النادر من الأحوال، والمرة بعد المرة، لعارض وأمر طارئ، تنتهي رخصة الجمع بزواله.
وقد سبق بيان ذلك في الموقع: (147381).
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"وكان ابن سيرين لا يرى بأسا أن يجمع بين الصلاتين، إذا كانت حاجة أو عذر؛ ما لم يتخذه عادة" انتهى من "الاستذكار" (2/ 212).
وقال النووي رحمه الله:
"وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة، لمن لا يتخذه عادة" انتهى "شرح النووي على مسلم" (5/ 219).
أما كون وقت العصر يدخل بعد الظهر بساعة، فهذا ليس بعذر يجيز الجمع بين الصلاتين؛ بل تُصلى كل صلاة في وقتها، ومن شق عليه العودة إلى المسجد لظرفه الخاص، فليصلها في بيته في وقتها.
فلا زال الوقت بين المغرب والعشاء في أكثر بلاد المسلمين نحوًا من الساعة، ولم يقل أحد من أهل العلم بأن ذلك عذر للجمع بين الصلاتين، بل تصلى كل صلاة في وقتها. ومن شق عليه العودة لظروف عمل أو غيره فليصل في بيته أو مقر عمله في وقتها.
قال ابن القيم رحمه الله:
"قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر). ولم يخالفه صحابي واحد في ذلك. بل الآثار الثابتة عن الصحابة كلها توافق ذلك …
ويا لله العجب؛ أي كبيرة أكبر من كبيرة تحبط العمل، وتجعل الرجل بمنزلة من قد وتر أهله وماله …
ونحن نقول : بل ذلك أكبر من كل كبيرة بعد الشرك بالله، ولأن يلقى الله العبد بكل ذنب، ما خلا الشرك به؛ خير له من أن يؤخر صلاة النهار إلى الليل، وصلاة الليل إلى النهار، عدواناً عمداً، بلا عذر" انتهى من "الصلاة: لابن القيم (ص:94-95).
وخلاصة القول:
أنّه لا يصح الجمع بين الظهر والعصر فترة فصل الشتاء لكون الوقت بينهما نحوا من ساعة، فليس في الأمر مشقة خارجة عن المعتاد، وعليهم أن يصلوا كل صلاة في وقتها.
والله أعلم.