يذكر في أولاد علي بن ابي طالب رضي الله عنه: أبو بكر، وعمر، وعثمان.
وما يذكر من أن عليا رضي الله عنه اعتذر عن تسمية ابنه بعثمان بأنه قصد به عثمان ابن مظعون رضي الله عنه، فهذه رواية ذكرها أبو الفرج الأصفهاني، حيث قال:
" وعثمان بن علي بن أبي طالب- عليه السلام- وأمه أم البنين أيضا.
قال يحيى بن الحسن، عن علي بن إبراهيم عن عبيد الله بن الحسن، وعبد الله بن العباس، قالا:
قتل عثمان بن علي، وهو ابن إحدى وعشرين سنة. وقال الضحاك المشرفي في الإسناد الأوّل الّذي ذكرناه آنفا: إن خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأوهطه، وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله، وأخذ رأسه.
وعثمان بن علي الذي روى عن علي أنه قال: إنما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون " انتهى. "مقاتل الطالبيين" (ص89).
وهذا القول أُغرم به الرافضة لموافقته لهواهم، لكن أبا الفرج الأصفهاني، ذكره كما هو ظاهر بلا إسناد، ولم نقف له على إسناد لا صحيح ولا ضعيف.
وعثمان رضي الله عنه، قد اجتمع الصحابة على أنه أفضلهم بعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وكانوا يقولون ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم حي.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ ) رواه البخاري (3697).
واجتمع على فضله جميع الصحابة بعد وفاة عمر رضي الله عنه.
عَنْ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ: " أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ المِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ الثلاث بِكَثيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا! فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا! فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ! فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسنّة رَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ ) رواه البخاري (7207).
ثم يقال لهؤلاء الكذبة:
هب أنكم وجدتم "عثمان بن مظعون" في الصحابة الصالحين، وكذبتم كذبتكم لأجل ذلك؛ فأين فيهم: أبو بكر وعمر، ليكون ابناه قد سميا باسميهما؟
ألا يكفي العاقل: أن يجد الثلاثة على نسق واحد، أسماؤهم كأسماء الراشدين قبلهم، ليعلم أن هذا سبب التسمية، وليس لأجل أشخاص آخرين، على فرض أنا وجدنا الأسماء الثلاثة معروفة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟!
الخلاصة:
خبر تسمية علي لابنه باسم عثمان بن مظعون، هو خبر لم تثبت صحته، فقد ذكره أبو الفرج الأصفهاني بلا إسناد في كتابه "مقاتل الطالبيين" (ص89)، ولم نقف له على إسناد لا صحيح ولا ضعيف.
والله أعلم.