هل صح استغفار النبي صلى الله عليه وسلم مئة مرة في الصلاة؟

السؤال: 521292

‎أُرِيدُ أَنْ أعْرِفَ هَل هَذَا الْحَدِيث صَحِيح، عن زاذان عن رجل من الأنصار رضي الله عنه أنّه سمع النّبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة وهو يقول : (رَبِّ اغْفِر لِي، وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التّوَّابُ الغَفُورُ مِائَةَ مَرَّة ) رَوَاهُ الْإِمَامَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدَهُ رَقْمِ (٢٣١٥٠)، وصَحَّحَه ُالْشَّيْخُ شعِيب الْأَرْنَاؤُوط فِي "تَحْقِيق الْمُسْنَد".

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ورد حديث استغفار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الغفور) مئة مرة، من رواية حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار.

وقد رواه جمع من الثقات عن حصين بن عبد الرحمن، واختلفوا في ألفاظه، ومواضعه:

1-فرواة شعبة بن الحجاج، بلفظ: "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة وهو يقول: (رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الغفور)، مائة مرة"، أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (38/223).

2-ورواه محمد بن فضيل، بلفظ: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة: اللهم اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الغفور، مئة مرة"، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15/136)، والنسائي في "السنن الكبرى" (9/45).

3-ورواه عباد بن العوام بلفظ: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الضحى، فلما جلس سمعته يقول: (رب اعفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم) حتى بلغ مائة مرة". أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (9/ 45).

4-ورواه خالد الطحان بلفظ: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى، ثم قال: (اللهم اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم)، حتى قالها مائة مرة. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص217)، والنسائي في "السنن الكبرى" (9/ 46).

5-ورواه عبد الله بن إدريس بلفظ: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر ‌الصلاة: ‌(اللهم ‌اغفر ‌لي ‌وتب ‌علي إنك أنت التائب - أو التواب – الغفور)، مائة مرة"، أخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" (2/ 415).

6-ورواه سفيان الثوري بلفظ: "كان استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الغفور)، مائة مرة". أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (6/3088)، وفي سنده إلى سفيان ضعف.

7-ورواه عبد العزيز بن مسلم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن رجل، من الأنصار قال: "مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الضحى، فسمعته يقول: (اللهم اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الغفور)، حتى عددت مائة مرة. أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (9/ 46).

وحاصل هذه الروايات:

أن رواية شعبة صريحة في أنه قال هذا الذكر أثناء الصلاة.

ورواية محمد بن فضيل، وعباد بن العوام، وعبد الله بن إدريس، وخالد الطحان، وسفيان الثوري، صريحة في أنه قال ذلك خارج الصلاة.

وأما رواية عبد العزيز بن مسلم فهي محتملة.

وأرجح هذه الروايات أنه كان يقولها خارج الصلاة، كما هي رواية الأكثر، وهو ترجيح النسائي -فيما يظهر- حيث أورد الحديث باختلاف ألفاظه في أذكار دبر الصلاة.

وبوب عليه البيهقي بقوله: "باب القول والدعاء عقيب صلاة الضحى"، انتهى من "الدعوات الكبير" (2/ 10)

ويرجح ذلك أيضا أمور:

الأول: يبعد أن يكون هذا من أذكار الصلاة؛ لأن قراءة هذا الاستغفار مائة مرة يعادل تقريبا مائة آية، فمثل هذا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في صلواته، لانتبه له الصحابة الملازمون للنبي صلى الله عليه وسلم، ولاشتهر. ويبعد أن يغيب عنهم الاستغفار مائة مرة؟

ثم إن هذا العدد من التكرار ليس من هديه المعهود في الأذكار الواقعة أثناء الصلاة، وإنما ورد مثله في الأذكار المطلقة خارجها.

الثاني: أن المحفوظ من هدي النبي أنه كان يستغفر في المجلس الواحد مئة مرة.

روى أحمد (4726) وأبو داود (1516) والترمذي (3434) وابن ماجه (3814) عن ابن عمر، قال: "إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة: رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم".

وهذا يدل على أن الذكر مئة مرة كان من أذكاره المطلقة في اليوم والليلة، ولم يكن من أذكار الصلاة.

وفي "صحيح البخاري" (6307) عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة).

الثالث: لم نقف على أحد من أهل العلم نص على استحباب هذا الذكر مئة مرة في الصلاة، وليس في آثار الصحابة والتابعين ما يشير إلى شيء من هذا.

ويبقى النظر: هل هذا الدعاء من الأذكار التي تُقال عقب الصلاة المفروضة، أو مما يقال بعد صلاة الضحى؟

والذي يظهر: أنه من الأذكار المطلقة التي تقال في أي وقت من اليوم والليلة، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ويشبه أنْ: لو كان مما يواظب عليه في هذين الموضعين لنُقل واشتهر نقلاً بيّنًا.

غاية ما في الأمر أن يكون قد اتفق أن قاله صلى الله عليه وسلم في بعض المرات بعد صلاة معينة، إما الضحى، أو غيرها، كما ورد في بعض الروايات، لكن ذلك لا يدل على كونه ذكرًا راتبًا خاصًا بها، بل يبقى على أصله؛ ذكرًا مطلقًا يشرع للمسلم الإكثار منه في أي وقت.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android