لا يجوز شراء البيض قبل وجوده، ولا حجزه بمعنى شرائه، ويجوز عقد السلم في البيض بذكر صفاته وأجل تسليمه، بشرط دفع الثمن كاملا في مجلس العقد.
هل يجوز التعاقد على شراء البيض قبل إنتاجه؟
السؤال: 506553
نعلم ـ ولله الحمد ـ أن شراء حمل البهيمة لا يجوز، فماذا عن حجز الحمل، حيث أريد حجز بيض الدجاج، فأقول للتاجر احجز لي إنتاج البيض لمدة ثلاث أشهر، واتفق معه بعدد محدد من البيض، وأدفع عربونا فقط، وبعد تسليم البيض أدفع المتبقي من المال؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا:
لا يجوز شراء بيض دجاج معين قبل وجوده؛ لأنه من بيع المعدوم، ولجهالة صفة البيض الخارج، وهو مثل شراء الحمل دون أمه.
وأما حجز البيض فله صورتان:
1-أن يكون ذلك شراء للبيض، وهذا محرم كما سبق.
2-أن يكون وعدا بالشراء، ولا يتم الشراء إلا بعد وجود البيض ورؤيته، فهذا الوعد جائز، إذا لم يكن ملزما للطرفين، لكن لا يجوز دفع عربون معه؛ لأن العربون لا يكون إلا مع العقد.
وبعض المعاصرين يجيز الإلزام بالوعد لطرف واحد، ودفع هامش للجدية بشرط عدم استعماله، أي أن يحتفظ به التاجر إلى وقت البيع لك ثم يحتسبه من الثمن إن تم الشراء.
ووجه منع استعمال هذا الهامش: أنه باستعماله يكون سلفا، ولا يجوز الجمع بين السلف والبيع؛ لما روى الترمذي (1234) وأبو داود (3504) والنسائي (4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وصححه الترمذي، والألباني.
والمفتى به في موقعنا عدم جواز دفع هذا المقدم في مرحلة الوعد مطلقا، استعمل أو لم يُستعمل.
وينظر: جواب السؤال رقم: (229091).
ثانيا:
المخرج هنا هو عقد السلَم على كمية معلومة من البيض، بأوصاف معلومة يلتزم بها التاجر، ويأتي بالبيض من مزرعته، أو من غيرها، بشرط تسليم الثمن كاملا في مجلس العقد.
قال النووي رحمه الله في تعريف السلم: "عقد على موصوف في الذمة، ببدل يعطى عاجلا. وقيل: إسلام عوض حاضر في موصوف في الذمة" انتهى من "روضة الطالبين" (4/ 3).
وقال الحجاوي في "الإقناع" (2/ 133): "وهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل، بثمن مقبوض في المجلس" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (8/ 269): "ويجوز أن يكون البيض مسلَماً فيه عند جمهور الفقهاء، ويشترط فيه ما يشترط في كل مسلم فيه، من كونه معلوم الجنس والصفة، وأن يكون مما يمكن ضبط قدره وصفته. . وهكذا.
والبيض يمكن ضبطه قدرا وصفة؛ لأن الجهالة يسيرة لا تفضي إلى المنازعة، وصغير البيض وكبيره سواء؛ لأنه لا يجري التنازع في ذلك القدر من التفاوت بين الناس عادة، فكان ملحقا بالعدم، وبذلك يجوز السلم في البيض عددا، وهذا عند الحنفية خلافا لزفر، وكذلك عند من يقول بجوازه من الحنابلة، يجوز السلم فيه عددا، ويذهب التفاوت باشتراط الكبر أو الصغر أو الوسط.
ويجوز عند المالكية أيضا أن يسلم فيه عددا، إذا أمكن ضبطه أو قياسه بنحو خيط يوضع عند أمين، لاختلاف الأغراض بالكبر والصغر.
أما عند الشافعية: فلا يجوز السلم في البيض عددا ولا كيلا، وإنما يجوز بالوزن التقريبي.
وعند أبي الخطاب من الحنابلة، وزفر من الحنفية، وفي قول عند الشافعية: لا يجوز السلم في البيض؛ لأنه لا يمكن ضبطه، لاختلافه في الصغر والكبر" انتهى.
فيشترط في هذا العقد:
1-أن تسلم الثمن كاملا في مجلس العقد.
2-أن يضبط البيض بالصفات، كبيان نوعه، ولونه، وحجمه.
3-أن يحدد أجل التسليم.
والحاصل:
أنه لا يجوز شراء البيض قبل وجوده، ولا حجزه بمعنى الشراء، ويجوز الوعد بشرائه من غير دفع مقدم، ويجوز شراء البيض بعقد السلم، بشرط دفع الثمن كاملا في مجلس العقد.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟