94

هل يقال دعاء كفارة المجلس سرا أو جهرا؟

السؤال: 487470

هل ينبغي أن نقرأ دعاء كفارة المجلس سراً أم جهرا قبل انتهاء التجمُّع؟ وهل ينبغي على كل فرد أن يقرأه، أم تكفي قراءته من فرد واحد؟ وما المراد بالتجمُّع؟ وكم عدد الأشخاص الذين يعتبرون كذلك؟

ملخص الجواب

دعاء كفارة المجلس مستحب عقب كل مجلس أو طاعة، يقوله الجميع سرا، ولا حرج أن يجهر به الإنسان تذكيرا لإخوانه، مع مراعاته الإخلاص.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

دعاء كفارة المجلس يشرع في ختام كل مجلس أو طاعة كالصلاة وغيرها؛ لما روى النسائي (1344) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسًا، أَوْ صَلَّى: تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ. فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ الْكَلِمَاتِ، فَقَالَ: إِنْ تَكَلَّمَ بِخَيْرٍ، كَانَ طَابِعًا عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ كَفَّارَةً لَهُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ وصححه الألباني في صحيح النسائي .

وروى النسائي في "السنن الكبرى" (10067)، وفي "عمل اليوم والليلة" (308)، والطبراني في "الدعاء" (1912) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا قَطُّ، وَلَا تَلَا قُرْآنًا، وَلَا صَلَّى صَلَاةً، إِلَّا خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ مَا تَجْلِسُ مَجْلِسًا، وَلَا تَتْلُو قُرْآنًا، وَلَا تُصَلِّي صَلَاةً إِلَّا خَتَمْتَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَنْ قَالَ خَيْرًا خُتِمَ لَهُ طَابَعٌ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ، وَمَنْ قَالَ شَرًّا كُنَّ لَهُ كَفَّارَةً؛ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ وصححه الألباني في "الصحيحة.(3164)"

وروى الترمذي (3433) وأحمد (10415) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"

قال السندي رحمه الله في "حاشيته على النسائي" (3/ 71): " والمراد أنه يكون مثبتا لذلك الخير، رافعا إلى درجة القبول، آمنا له عن حضيض الرد، كفارة له: أي مغفرة للذنب الحاصل، فيستحب للإنسان ختم المجلس به؛ أيَّ مجلس كان" انتهى.

وقال الشيخ محمد بن علي آدم رحمه الله: " (طابعاً) بفتح الموحدة، وكسرها: الخاتم الذي يُختم به. قاله في "اللسان"، أي خاتماً يُختم به (عليهنّ إلى يوم القيامة) الضمير للخير، وإنما أعاد عليه ضمير المؤنثات مع كونه مذكّرا، لتأويله بالخيرات، وفيه إشارة إلى الترغيب في تكثير الخير، وتقليل الشر، حيث أعاد على الأول ضمير الجماعة، وأفرد ضمير الثاني في قوله: "كان كفارة له".

يعني: أنه إن تكلّم قبل هذا الذكر بخير، كأن يذكر الله تعالى، أو يعلّم الناس، أو يعظهم، ثم ذكر هذا الذكر عقبه كان هذا الذكر خاتماً يُختم به ذلك الخير، فلا يتطرّق إليه خلل إلى قيام الساعة.

وليس المراد التحديد بقيامها، وإنما المراد التأبيد، فلا يفهم منه أن يدخله الخلل بعد قيامها. والله تعالى أعلم" انتهى من "ذخيرة العقبى شرح المجتبى" (15/ 365).

وينظر: جواب السؤال رقم: (223561)، ورقم: (313665).

ثانيا:

هذا الذكر مشروع في حق الفرد والجماعة، وإذا كانوا جماعة شُرع ذلك لجميع أفرادها؛ فمن كان منهم محسنا، ختم على عمله وثبت له الخير، وإن كان قد أساء، أو صدر منه لغط ونحوه، كان كفارة له.

وبهذا يتبين أنه لا غنى لأحدهم عن ذلك.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (223561)، ورقم: (313665)، ورقم: (143454).

ثالثا:

الأصل في هذا الذكر أن يسر به الإنسان، بحيثُ يُسمع نفسَه فقط؛ لقوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف/55.

وذلك أدعى للإخلاص، وأبعد عن الرياء.

قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن" (2/ 314): " الأصل في الأعمال الفرضية الجهر، والأصل في الأعمال النفلية السر؛ وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء والتظاهر بها في الدنيا، والتفاخر على الأصحاب بالأعمال، وجبلت قلوب الخلق بالميل إلى أهل الطاعة، وقد جعل الباري سبحانه في العبادات ذكرا جهرا وذكرا سرا، بحكمة بالغة أنشأها بها ورتبها عليها؛ وذلك لما عليه قلوب الخلق من الاختلاف بين الحالين" انتهى.

لكن إن جهر الإنسان بالذكر تنبيها لأصحابه ليقتدوا به، مع مراعاته الإخلاص، كان حسنًا.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ):

"وفي الحديث استحباب إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره ممن يُقتدى به، على إرادته الاقتداء به، ويقدّر ذلك بقدر الحاجة. قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل: مَن يُظهِرُه ليُقْتدَى به، أو ليُنْتفع به، ككتابة العلم. ومنه حديث سهل الماضي في الجمعة: (لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي).

قال الطبري: كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليُقتدى بهم.

قال: فمن كان إماما يُستن بعمله، عالما بما لله عليه، قاهرا لشيطانه: استوى ما ظهر من عمله وما خفي؛ لصحة قصده. ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل.

وعلى ذلك جرى عمل السلف.

فمن الأول: حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ ويرفع صوته بالذكر، فقال: (إنه أواب). قال: فإذا هو المقداد بن الأسود. أخرجه الطبري.

ومن الثاني: حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قام رجل يصلي فجهر بالقراءة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُسمعني، وأسمع ربك). أخرجه أحمد وابن أبي خيثمة، وسنده حسن" انتهى من "فتح الباري" (11/ 337).

والحاصل:

أن دعاء كفارة المجلس مشروع في حق كل أحد، عقب كل طاعة أو مجلس، وأن يقوله سرًّا؛ إلا إن قصد تذكير غيره به.

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android