الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

التدخين واستعمال النشوق حول الحرمين أو في ساحاته

457756

تاريخ النشر : 22-05-2023

المشاهدات : 1509

السؤال

نصيحتكم لمن يدخن ويستخدم مادة النشوق في الأماكن القريبة من الحرمين والأماكن المنزوية ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم شرب الدخان؛ لما ثبت من ضرره البالغ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) وصححه الألباني.

ولا يختلف الأطباء اليوم في كون الدخان مضرا بالصحة ضررا مؤكدا.

وقد ذكرت " منظمة الصحة العالمية " في تقريرها لعام 2008 م : أنّ تعاطى " التبغ " يقتل بالفعل 5.4 مليون نسمة سنويّاً ! ، أي : بمعدل 14.000 شخصاً تقريباً كل يوم ! ، وأنه ما لم تتخذ إجراءات عاجلة : فإن التبغ سيقتل 10 مليون شخص سنويّاً بحلول عام 2020 م !

ولا يتوقف ضرر الدخان على من يتعاطاه فقط؛ بل يتعداه إلى جلسائه ومن حوله ، وقد أكدات الدراسات العلمية تضرر هؤلاء بما يصلهم من دخان المدخن، فيما يعرف بـ"التدخين السلبي"؛ فلم يقتصر ضرر المدخن ولا أذاه على نفسه، بل تعداه إلى غيره، ممن لم يختر التدخين، ولم يرض به!!

وهذا أظهر أسباب تحريم شربه، إضافة إلى ما فيه من تبذير، وإيذاء للغير برائحته الكريهة.

واتفقت المجامع الفقهية ودور الإفتاء في البلاد الإسلامية على تحريم التدخين، بعدما تبين ضرره على الإنسان صحياً ونفسياً ومالياً.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 26 /351 ): "الشيشة ، والنرجيلة ، والدخان : من الخبائث ، وهي محرمة ؛ لما فيها من الأضرار على البدن ، والمال ، قال الله تعالى في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، فلا يجوز استعمال هذه الأمور ، ولا بيعها ، ولا ترويجها" انتهى.

‌والنشوق هو ما يُعرف (بالشَّمَّة) حكمه حكم التدخين؛ لأن المادة واحدة، والاختلاف في طريقة تعاطيها فقط، فينطبق عليه ما سبق ذكره في الدخان، فهو محرم؛ لما فيه من الأضرار الصحية والنفسية والمالية والاجتماعية، فتعاطيه مهلك للإنسان.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (22/ 140): " يحرم تعاطي الشمة، ويجب على متعاطيها الإقلاع عنها بأن يصدق العزم، وأن يكون قوي الإرادة في تركها، وأن يكثر من ذكر الله والاستغفار.

وصلاة متعاطيها وصومه وحجه صحيح ، إذا استوفى كلٌّ منها شروط صحته، ولا تأثير لاستعمال الشمة في ذلك" انتهى.

فالنصيحة لمن ابتلي بذلك أن يبادر بالتوبة، وأن يصدق العزيمة في ترك الدخان أو النشوق، وأن يشكر الله على نعمة الصحة فلا يهلك نفسه، وأن يعلم أنه مسئول غدا عن جسمه فيم أبلاه، وعن ماله فيم أنفقه؟

روى الترمذي (2417) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

ثانيا:

الواجب وعظ ونصح من يستعمل السجائر والنشوق بجوار المسجد الحرام، وينبهون إلى شعيرة تعظيم الحرم.

قال الله تعالى: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج (32).

وقال الله تعالى: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ) الحج (30).

قال الواحدي: "المراد بالحرمات ههنا: البيت ‌الحرم، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، والإحرام" انتهى من "التفسير الوسيط للواحدي" (3/ 269).

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "وقد صرحت الأدلة أن المعاصي في الأيام المعظمة والأمكنة المعظمة تغلظ معصيتها وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان، قال الله سبحانه: ‌ومن ‌يرد ‌فيه ‌بإلحاد بظلم نُذقه من عذاب أليم" انتهى من فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (3/ 40).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " السيئات يتفاوت إثمها بحسب كبرها في نفسها وصغرها وبحسب الزمان كرمضان وعشر ذي الحجة وبحسب المكان كالحرمين الشريفين ولأسباب أخرى "فتاوى إسلامية" (2/ 13)

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "السيئة في المدينة أعظم من السيئة فيما دونها " انتهى من " شرح رياض الصالحين (6/213).

ومن الأدب مع الله تعظيم حرماته، وقد جعل الله الحرمين معظمة، فعظِّمها وتجنب فيها كل المعاصي والآثام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب