الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

لا ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن

السؤال

هل ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن ؟.

الجواب

الحمد لله.

خروج النجاسة من البدن لها ثلاثة أحوال :

الأولى :

أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من المخرج المعتاد ، فهذا ناقض للوضوء ، بأدلة الكتاب والسنة والإجماع .

قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) المائدة/6 .

وروى الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

فذكر الغائط والبول والنوم من نواقض الوضوء .

الثانية :

أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من غير المخرج المعتاد ، كمن أجريت له عملية جراحية وصار يخرج منه الخارج من فتحة في بطنه – مثلاً ، فهذا ناقض للوضوء لأن الأدلة السابقة تدل على نقض الوضوء بخروج البول والغائط ، وعمومها يشمل خروجها من المخرج المعتاد أو غيره .

الثالثة :

أن تكون النجاسة الخارجة من البدن غير البول والغائط ، كالدم ، والقيء عند من قال بنجاسته من العلماء .

فهذا مما اختلف العلماء فيه ، فذهب بعضهم – كالإمام أبي حنيفة وأحمد على اختلاف بينهما في تفصيل ذلك – إلى أنه ناقض للوضوء .

واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :

1- قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة : ( إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ ، فتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ ) .

قالوا : فَعَلَّلَ وجوبَ الوضوءِ بأنه دم عرق ، وكلُّ الدماء كذلك .

2- ما رواه الترمذي (87) عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ فَتَوَضَّأَ ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن خروج النجاسة من البدن لا ينقض الوضوء ، واحتجوا بأن الأصل عدم نقض الوضوء ، وليس هناك دليل صحيح يدل على نقض الوضوء بذلك .

قال النووي رحمه الله :

" وأحسن ما أعتقده في المسألة أن الأصل أن لا نقض حتى يثبت بالشرع ، ولم يثبت " انتهى .

وأجابوا عن أدلة من قالوا بالنقض بما يلي :

أما حديث المستحاضة ، فأجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك نفي كونه دم حيض ، أي ليس هذا الدم دم حيض وإنما هو دم عرق ، وإذا كان كذلك فإنك لا تتركين الصلاة ، بل تصلين ، غير أنك تتوضأين لكل صلاة .

قال النووي في "المجموع" : " لو صح – يعني حديث المستحاضة- لكان معناه إعلامها أن هذا الدم ليس حيضاً ، بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ، ولم يُرِدْ أن خروج الدم - من حيث كان - يوجب الوضوء " انتهى .

وأما حديث ثوبان ، فأجابه عنه بعدة أجوبه :

1- أنه ضعيف . قال النووي في "المجموع" " وأما الجواب عن احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه : أحسنها أنه ضعيف مضطرب , قاله البيهقي وغيره من الحفاظ " انتهى .

2- أنه –مع تقدير ثبوته وصحته- لا يدل على نقض الوضوء بخروج القيء ، لأنه مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فيدل على استحباب الوضوء من القيء ، لا على وجوبه .

ينظر : "المجموع" (2/63-65) ، "المغني" (1/233، 234) ، (1/247- 250) ، "الشرح الممتع" (1/185- 189).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب