ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة ، روى أبو داود (643) والترمذي (379) عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِى الصَّلاَةِ ، وَأَنْ يُغَطِّىَ الرَّجُلُ فَاهُ" وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقد اختلف العلماء في معنى "السدل" المنهي عنه هنا ، والذي عليه عامة العلماء : هو أن يطرح الرداء على كتفيه ، ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى ، ولا يضم الطرفين بيده ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "هذا الذي عليه عامة العلماء" انتهى، "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/130).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"المعروف عند فقهائنا: أن السدل هو أن يطرح الرداء على كتفيه ، ولا يرد طرفه على الآخر" انتهى، "الشرح الممتع" (2/191) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/374) :
"السؤال : ما معنى السدل وما حكمه ؟
الجواب : السدل في الصلاة مكروه ، وهو: طرح ثوب على كتفيه ولا يرد طرفيه على صدره.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وسبب الكراهة : قيل : إنه من فعل اليهود ، وقيل : خشية انكشاف العورة أو البدن بما لا يليق بحال الصلاة ، ولذلك كرهه هؤلاء العلماء إذا لم يكن عليه ثوب غيره ، فإن كان يلبس ثوبا غيره فلا كراهة .
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
"وممن كره السدل في الصلاة : علي ، وابن مسعود ، قال أحمد : صح عن علي أنه كرهه ، وجعله من فعل اليهود ، واختلفوا فيه عن ابن عمر .
وفي كراهته أحاديث مرفوعة في أسانيدها مقال .
وعن أحمد ، أنه لا يكره ، إلا إذا لم يكن تحته قميص .
وكان الحسن وابن سيرين يسدلان على قميصهما ، ورخص النخعي في السدل على القميص ، وكرهه على الإزار ، وحكي نحوه عن أحمد" انتهى، "فتح الباري" (3/73).
وقال الترمذي رحمه الله:
"قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا كُرِهَ السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ ، فَأَمَّا إِذَا سَدَلَ عَلَى الْقَمِيصِ فَلَا بَأْسَ" انتهى.
كما استثنى العلماء إذا كان الثوب يلبس عادة هكذا ، لانتفاء علة التشبه باليهود حينئذ .
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق العلماء على أن لبس القباء من غير أن يدخل يديه في الكمين ، أن هذا ليس من السدل المنهي عنه . "مجموع الفتاوى" (22/144) .
فمثل ذلك : البشت والجاكيت . فسواء أدخل يديه في الكمين أم لا ، فلا كراهة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (2/191) :
"ولكن إذا كان هذا الثَّوب مما يلبس عادة هكذا، فلا بأس به، ولهذا قال شيخ الإسلام: إنَّ طَرْح القَبَاءَ على الكتفين من غير إدخال الكمَّين لا يدخل في السَّدْلِ .
والقَبَاء يُشبه ما يُسمَّى عندنا الكوت أو الجُبَّةَ" انتهى.
والله أعلم.