ما حكم إعلان التاجر عن خصم لمن بلغت مشترياته قدرا معينا؟

السؤال: 440948

أود الاستفسار عن مسألة تكثر في الأسواق بين التجار، وهي حسم مقابل استجرار ـ مسحوبات ـ كمية أو قيمة معينة خلال فترة زمنية محددة، وصورتها كالآتي:
يمنح تاجر الجملة حسما لتجار التجزئة مقابل كمية (قيمة) مسحوباتهم خلال فترة معينة، شهر مثلا.
فعلى سبيل المثال:
في حال بلغت مسحوبات تاجر التجزئة خلال الشهر 1000، يمنح حسما بواقع 1% على كامل مسحوباته.
وفي حال بلغت مسحوبات تاجر التجزئة خلال الشهر 2000، يمنح حسما بواقع 3% على كامل مسحوباته.
على أن يعطى الحسم في نهاية المدة، وبعد تحقيق الشروط من خلال قيد الحسم لصالح التاجر.
فهل تعد هذه الصورة جائزة؟ علما أن الاتفاق على الحسم مسبق، والبيع مؤجل الثمن غالبا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إذا جعل البائع خصما لمن بلغت مشترياته حدًّا معينا ، فإن ذلك لا بأس به ، وهو جائز .

والتكييف الفقهي لهذه المعاملة : أن العقد قد وقع واستقر على الثمن الأول ، (أي : بلا خصم) ، ثم وعد البائعُ المشتريَ أنه سيعطيه هدية (وهي هذا الخصم) إذا بلغت مشترياته حدًّا معينا ، وهذا لا بأس به .

ولا يشكل على ذلك أن الهبة معلقة على شرط قد يحصل وقد لا يحصل ، ولا أن مقدار الهبة مجهول ، بناء على اختلاف قيمة المشتريات ، كما في السؤال .

لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن تعليق الهبة على الشرط جائزة ، وأن هبة المجهول جائزة .

وقد دلت السنة على جواز تعليق الهبة على شرط .

روى البخاري (2296) ومسلم (2314) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا) فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا ، فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي : كَذَا وَكَذَا ، فَحَثَى لِي حَثْيَةً ، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ، وَقَالَ : خُذْ مِثْلَيْهَا.

وجاء في المعايير الشرعية: "مستند مشروعية تعليق الهبة على إتمام الإجارة: هو أن الهبة تقبل التعليق، وقد وهب النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي هبة معلقة على وجوده حيا حين وصول حاملها إليه" انتهى.

وأما هبة المجهول ، فمذهب الإمام مالك رحمه الله جوازها ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقال : "تنازع العلماء في هبة المجهول ، فجوزه مالك ... ولم يجوز ذلك الشافعي ، وكذلك المعروف في مذهب أبي حنيفة وأحمد ... ومذهب مالك في هذا أرجح" انتهى ، "مجموع فتاوى" شيخ الإسلام ابن تيمية (31/270) .

وقال ابن رشد رحمه الله: "ولا خلاف في المذهب: في جواز هبة المجهول، والمعدوم المتوقع الوجود، وبالجملة كل ما لا يصح بيعه في الشرع من جهة الغرر" انتهى من "بداية المجتهد" (4/ 114).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وجاز هبة المجهول على القول الراجح؛ لأنها تبرع" انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 193).

وقد بحث الدكتور خالد المصلح هذه المسألة [وهي إعطاء البائع للمشتري هدية إذا بلغت مشترياته حدا معينا] في كتابه "الحوافز التجارية التسويقية" ورجَّح أنها جائزة ، ونقل ذلك عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال : "وممن قال بجواز هذا النوع من الهدايا شيخنا العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله ، ففي جواب له عن هذا النوع من الهدايا قال: "إذا كانت السلعة التي يبيعها هذا التاجر، الذي جعل الجائزة لمن تجاوزت قيمة مشترياته كذا وكذا، إذا كانت السلع تباع بقيمة المثل في الأسواق: فإن هذا لا بأس به" انتهى نقلا من "الحوافز التجارية التسويقية" د. خالد المصلح، ص110 .

والله أعلم .

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android