كتابة الأمنيات عند اكتمال القمر: شعبة من التنجيم المحرم، ومن أعمال أهل الشرك والضلال.
ما حكم كتابه الأمنيات عند اكتمال القمر؟
السؤال: 438733
هل يجوز كتابة الأمنيات لما يكتمل القمر ؟ وكيف يتوب من فعل ذلك إن كانت محرمة؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً:
يدعي المروجون لهذا الأمر أنه إذا كان القمر مكتملاً، فمن كانت له أمنيات أن يكتبها بورقة مسطحة، بطقوس معينة لا تنخرم، ويضعها في نافذة البيت أو في شرفته، وألا يكتب بهذه الورقة أرقاماً ولا اسمه الصريح، ولا أسماء من يتمنى لهم.
مدعين أن للقمر عند اكتماله أثراً في تحقق الأمنيات، لما يبعثه من الطاقة.
وهذه الأمور مأخوذة مما يسمى بعلم الطاقة، وحقيقته عقائد وثنية هندوسية وبوذية بدرجة أساسية، وقد فتن بها عدد من الشباب وأدعياء الثقافة ممن ليس لديهم أبجديات العلم الشرعي؛ بل حتى المتخصصون في علم النفس يرفضون ادعاءات علم الطاقة وجدوى تأثيره، ويرونها نوعاً من بيع الوهم.
ثانياً: حكمها الشرعي
وعند تأمل هذه الفكرة (كتابة الأمنيات عند اكتمال القمر) نجد أنها لا تخلو من ادعاء أن هناك أسباباً وأزماناً لها تأثير بغير دليل حسي أو شرعي. وهذا الأمر مخل بأصل العقيدة. فهي لا تخلو من حالين:
الأول: أن يعتقد أن اكتمال القمر وطريقة كتابة الأمنيات هو المؤثر والمحقق لتلك الأمنيات، فهذا شرك أكبر مخرج لصاحبة من الملة، لأنه قد جعل مع الله ندًّا في الإيجاد والخلق والتأثير.
الثاني: أن يعتقد من يفعل ذلك أن اكتمال القمر، وتوقيت هذا الزمن والطريقة التي يكتب بها أمنياته من أسباب تحققها، وأن الله هو الذي حققها لهم بهذه الأسباب: فهذا شرك أصغر، لأن كل من جعل أسباباً لحصول شيء، ولا دليل على كونها اسباباً شرعية أو حسية، فقد وقع في الشرك الأصغر .
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَصْبَحَ مِنْ عبادي مؤمن وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي ومؤمن بالكوكب البخاري (810).
والأنواء هي الكواكب، فالذي جعل الكوكب سبباً لحصول المطر سماه النبي صلى الله عليه وسلم كافراً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: شرك أكبر، وله صورتان:
الأولى: أن يدعو الأنواء بالسقيا، كأن يقول: يا نوء كذا! اسقنا أو أغثنا، وما أشبه ذلك; فهذا شرك أكبر; لأنه دعا غير الله، ودعاء غير الله من الشرك الأكبر ...
الثانية: أن ينسب حصول الأمطار إلى هذه الأنواء على أنها هي الفاعلة بنفسها دون الله، ولو لم يدعها; فهذا شرك أكبر في الربوبية، والأول في العبادة; لأن الدعاء من العبادة، وهو متضمن للشرك في الربوبية; لأنه لم يدعها إلا وهو يعتقد أنها تفعل وتقضي الحاجة.
القسم الثاني: شرك أصغر، وهو أن يجعل هذه الأنواء سببا، مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل; لأن كل من جعل سببا لم يجعله الله سببا، لا بوحيه ولا بقدره، فهو مشرك شركا أصغر". انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/ 19).
وعند التأمل في حقيقة ما يروج له باسم كتابة الأمنيات عند اكتمال القمر باستثمار الطاقة: يظهر بجلاء أنه شعبة من التنجيم المحرم، الذي هو من أعمال أهل الجاهلية، وشركهم. ثم هو وهم، وأماني كاذبة؛ فلا صاحبها سلم له قلبه واعتقاده، ولا صح له عمله، ولا رجع من ذلك إلا بالخيبة والخسار.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد أخرجه أبو داود (3905)، وابن ماجة (3726). وهو حديث حسن
وقال لبيد بن ربيعة العامري، الشاعر الصحابي، رضي الله عنه:
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى … وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبْتُموني متى الفتى … يَذُوقُ المَنَايا أوْ متى الغَيثُ واقِعُ
وهؤلاء الجهال الضلال، لا يخرجون عن حالين:
فإما اعتقاد البعض أنها مؤثرة بنفسها، وإما أنها سبب مؤثر لحصول الأمنيات. فصاحبها في خطر عظيم بين الشرك الأكبر والأصغر. وهذا أعظم الذنب وأكبره، ولم يتوعد الله أحداً بعذاب كما توعد أصحاب الشرك.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48].
وفي الحديث عن عبد الله ين مسعود رضي الله عنه قال: "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الذنب عند الله أكبر؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ رواه البخاري (4483).
ثالثاً: من فعل ذلك قبل أن يعلم حكمه:
من فعل ذلك قبل أن يبلغه حكم ذلك؛ فعليه التوبة والاستغفار، وإتلاف تلك الأوراق المكتوب بها الأمنيات.
وعليه الأخذ بالأسباب الشرعية والحسية الصحيحة لتحقيق الأمنيات، كالدعاء والالتجاء إلى الله، والعمل بالأسباب الحسية التي تحقق أمنياته.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (291661)، ورقم: (247553).
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟