الأولى للمؤمن أن يُعرض عن الاشتغال بمثل هذه الخواطر، وألا يُكثر التفكير في صور الفقد والموت؛ لأن ذلك لا يعود عليه بنفع، وقد يُكدِّر عليه عيشه ويُقلق قلبه، بل المشروع له أن يسأل الله العافية في دينه ودنياه، وحسن الخاتمة، والثبات عند البلاء، فإن الله سبحانه لطيف بعباده، لا يقدِّر عليهم شيئًا إلا ويقرنه بما يُعينهم على تحمّله من الصبر والتثبيت.
وقد أرشد النبي ﷺ إلى ما هو أولى وأنفع، كما في حديث أم حبيبة رضي الله عنها لما دعت بطول العمر لزوجها وأبيها وأخيها، فقال لها النبي ﷺ:
قد سألتِ الله لآجالٍ مضروبة، وأيامٍ معدودة، وأرزاقٍ مقسومة… ولو كنتِ سألتِ الله أن يُعيذكِ من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرًا وأفضل (رواه مسلم).
ومع ذلك، فلا حرج في أصل هذا الدعاء من حيث الحكم الشرعي؛ لأن قولكِ: اللهم اجعل يومي ويوم أختي في الله واحدًا إذا قصدتِ به أن يكون الموت في وقتٍ واحد، هو دعاء بأمرٍ ممكنٍ قدرًا، ولا يتضمن في ذاته اعتراضًا على قضاء الله، ولا سؤالًا لما لا يجوز سؤاله.
وكذلك قولكِ: اللهم لا تفجعني بها، ولا تفجعها بي، هو دعاء صحيح المعنى، إذ الفَجْع هو شدة الألم بالمصيبة، فمعناه سؤال الله أن يقيكِ ألم الفقد الشديد، أو أن يرزقكِ الصبر والتثبيت إن وقع القضاء، وليس فيه محذور شرعي.
لكن ينبغي أن يكون هذا المعنى هو المقصود من الدعاء، لا الاعتراض على سنن الله في الحياة والموت، ولا استباق المصائب بالهمّ والخوف؛ فإن ما لم يقع لا يُكلَّف العبد بحمله، وإذا وقع البلاء أنزل الله معه من لطفه ما يُعين على احتماله.
والله أعلم.