يجوز العمل في مركز تجميع الألبان بشرطين:
الأول: أن تكون المواد المضافة للبن بالنسب المسموح بها من هيئة الغذاء العالمية؛ لمنع الضرر.
الثاني: أن تكون المواد المضافة معلومة للمشتري، وكذلك أخذ نسبة من الدهن؛ منعا للغش، وذلك بكتابة هذه المواد على المنتج، والتصريح بأنه قليل الدسم أو بيان نسبة الدهن.
فإذا اختل شرط منهما: لم يجز العمل في هذا المركز؛ لأن إلحاق الضرر بالناس محرم؛ لقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ النساء/29، وقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة:195).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
ولأن الغش كبيرة من الكبائر؛ لما روى مسلم (102) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "وضابط الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة، من نحو بائع أو مشتر، فيها شيئا لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل؛ فيجب عليه أن يعلمه به ليدخل في أخذه على بصيرة" انتهى من الزواجر عن "اقتراف الكبائر" (1/ 396).
وإذا كان المصنع لا يبين المواد المضافة، كان غاشا، وكان المركز الذي وضع هذه المواد شريكا له في الغش.
ولا يجوز العمل كمسؤول للجودة، وتدريب العمال على الشروط الصحية وممارسات التصنيع الجيد، في حال كون المركز مخلا بما ذكرنا؛ لما في ذلك من الإعانة على المحرم، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.