6,906

هل العهد مع الله يمين؟

السؤال: 429536

عاهدت الله تعالى على إن جاءني رجل صالح فسأتزوجه، فحدث هذا، ووافقت، وتقدم لأهلي، فذهبنا لشراء الخاتم، وتلك هي المرة الأولى لي رؤيته، فقد قبلته بدون رؤية، وعند رجوعي للمنزل ضاقت نفسي، ولم أتقبله، ففسخت الخطبة، فهل علي ذنب؛ لأنني نقصت العهد مع الله تعالى؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

اختلف العلماء في معاهدة الله هل هي يمين أم لا؟

فذهب جمهور العلماء إلى أن معاهدة الله تعالى هي صيغة من صيغ اليمين والنذر ، فمن عاهد الله تعالى على فعل شيء ، وجب عليه فعله، إن كان طاعة ، فإن لم يفعله فعليه كفارة يمين .

قال الكاساني الحنفي رحمه الله بدائع الصنائع (3/ 8):

"ولو قال علي عهد الله أو ذمة الله أو ميثاقه فهو يمين؛ لأن اليمين بالله تعالى هي عهد الله على تحقيق أو نفيه ألا ترى إلى قوله تعالى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدْتُمْ) ثم قال سبحانه وتعالى (وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) وجعل العهد يمينا، والذمة هي العهد ومنه أهل الذمة أي أهل العهد والميثاق والعهد من الأسماء المترادفة وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا بعث جيشاً قال في وصيته إياهم وإن أرادوكم أن تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تعطوهم» أي عهد الله وعهد رسوله" انتهى.

وقال الدردير المالكي رحمه الله: "أو قسم على أمر كذلك بذكر اسم الله أو صفته وهي التي تكفر كـ بالله، وتالله، ... وكعزة الله، وأمانته، وعهده، وميثاقه، وعلي عهد الله" انتهى من "بلغة السالك لأقرب المسالك" (2/ 201).

وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 447):

"(ومن قال علي نذر أو) علي (يمين فقط) أي ولم يقل إن فعلت كذا ونحوه فعليه كفارة يمين (أو) قال (علي نذر أو يمين إن فعلت كذا ونحوه وفعله فعليه كفارة يمين أو) قال (علي عهد الله أو) قال علي (ميثاقه إن فعلت كذا وفعله فعليه كفارة يمين)" انتهى.

وذهب الشافعية إلى أن العهد مع الله ليس يمينا إلا إذا نوى وقصد بها اليمين.

قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم (7/ 65):

"وإذا قال: علي عهد الله وميثاقه وكفالته، ثم حنث فليس بيمين إلا أن ينوي بها يمينا، وكذلك ليست بيمين لو تكلم بها لا ينوي يمينا فليس بيمين بشيء من قبل أن لله عليه عهدا أن يؤدي فرائضه، وكذلك لله عليه ميثاق بذلك وأمانة بذلك، وكذلك الذمة، والكفالة" انتهى.

وقال النووي رحمه الله في روضة الطالبين (11/ 16):

"إذا قال: علي عهد الله وميثاقه وذمته وأمانته وكفالته لأفعلن كذا، فإن نوى اليمين فيمين، والمراد من عهد الله استحقاقه لإيجاب ما أوجبه علينا، أو تعبدنا به، وإن أراد غير اليمين، كالعبادات، فليس بيمين، وإن أطلق فوجهان، قال أبو إسحاق: يمين للعادة الغالبة، والأصح المنع، لتردد اللفظ" انتهى.

 

والراجح أن قول الإنسان أعاهد الله أو علي عهد الله أنه يمين وحكمه حكم اليمين لقول الله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدْتُمْ) ثم قال - سبحانه وتعالى – (وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا)  فقد جعل الله تعالى العهد هنا يميناً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"إِذَا قَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ" انتهى من "الاختيارات" (ص 286).

وكفارة اليمين ذكرها الله تعالى بقوله : (لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/89 .

فعليك إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم تجدي ، فعليكِ صيام ثلاثة أيام .

وقد سبق بيان كفارة اليمين بالتفصيل في جواب السؤال رقم: (45676) .

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android